قد يسأل البعض كيف نستطيع أن نبني وطنا قويا يشعر الجميع بالانتماء إليه؟، ولعل الإجابة هنا واضحة لا غبار عليها، إذ أن أساس المجتمع المدني قائم على حاجة الفرد للآخرين، كما يقول أبن خلدون في مقدمته، وهو مؤسس علم الاجتماع، لذلك فإن المصلحة العامة هي مصلحة مشتركة ولا بد لجميع الأفراد من المحافظة عليها، ذلك أنها تحقق مصالح الأفراد في حدود مشتركة، وهو الأمر الذي يفرض على الفرد الارتباط بالآخرين انطلاقا من الفائدة التي تعود عليه من ذلك، فيحافظ على تلك الرابطة التي تجمعه بأبناء وطنه على أرض واحدة، وبقدم تلك المصالح المشتركة الجامعة، وهذا الشعور بالمسئولية هو الذي يعكس شعور الفرد بالانتماء وحبه لوطنه وأبناءه.
ولا شك بأن التعبير عن حب الوطن والانتماء إليه يأخذ أشكالا وصورا مختلفة، إذ لا يمكن حصره بصورة واحدة تتمثل بالتضحية في ظروف محددة، لكنه دور الإنسان في البناء والتنمية أي كان هذا الدور الذي يقع ضمن مجموعة متكاملة تحقق مصالحا وطنية مشتركة، فالاجتهاد في التحصيل العلمي، أو تأسيس أسرة صالحة لتشكل لبنة في بناء المجتمع، أو العمل على رفع مستوى الاقتصاد الوطني والآخر بالعمران …وغيرها، كل ذلك يقع ضمن ما يعبر عن الإحساس بالمسئولية والشعور بالانتماء
إن مظاهر حب الوطن عديدة ومتنوعة، ومنها تلك الأجواء التي تعيشها الكويت في هذه الفترة من عرس انتخابي وحرية انتخاب من يمثلنا في المجلس، إذ يفترض بأن نمارسها بأسلوب راقٍ وصحيح.، ولكننا نلاحظ ممارسات خارجة عن نطاق للقانون وللأخلاقيات العامة لوصول البعض لما تصبو إليه نفسه من أهداف شخصية، كأن يطعن بوطنيه أخيه وانتماءه، واتهامه بعدم الإخلاص، لتتحول العملية الديمقراطية من مظهر من مظاهر الرقي إلى عملية البحث عن المصالح الخاصة دون الالتفات إلى حرمة الأصوات.
إن الصراع بين المصالح الخاصة والعامة يقذف بنا في جو من التخبط والحيرة فيصبح الاختيار الصعب الذي يواجهنا جميعا هو هل نريد وطنا أم لا نريد ؟ فإن أردنا وطنا فلنختار من هو الصالح الكفء ليحمل المسئولية ويقدم مصلحة الكويت على المصالح الخاصة، ويعمل أن تنال القدر الأكبر من التنمية أسوة بالأقطار المجاورة، بل ليصل بها إلى أعلى المراتب في صفوف الدول، وهو ما يتطلب حلولا عاجلة لمجموعة من الأزمات التي تعيشها الكويت، كالإسكان والكهرباء والماء والتعليم و الصحة، إضافة لقضايا الشباب وتوفير قرص التعليم المناسب، وغيرها من الأزمات التي باتت تقض مضجعنا كالمحافظة على المال العام من النهب والسلب واحتياطي الأجيال القادمة، وتعمير الكويت والارتقاء بها لأعلى المراتب، فلنصبح كلنا الكويت ولتكون هي الأولى والأخيرة في قائمة اهتمامنا جميعا. لذلك فإنني أقول لكل مواطن محب ومخلص نحن في فترة اختبار مع أنفسنا قبل كل شيء، فنصدق أنفسنا، ليس من أجل مصلحة خاصة، بل من أجل كويتنا التي طالما تغنينا بها.
الوطن مسئولية الجميع وهو هدف كل مواطن يستطيع للحفاظ على هوية المجتمع الكويتي، وتمسكا بالثوابت القوية لرفعة وعلو مكانتها، فالمسئولية لا تقع على عاتق فئة محددة، بل على عاتق الشعب بجميع أفراده، إذ لا يمكننا أن نقوم بذلك الواجب الوطني إلا بتلاحمنا كصف من أجل صون كرامة الكويت، والمحافظة على كيانها كما فعلوا آبائنا وأجدادنا الذين بذلوا الغالي والنفيس من أجل عزة هذا الوطن.
كلي ثقة بأن جميع أفراد الشعب الكويتي يضع الكويت ومصلحتها قبل مصالحه، لذا دعونا نترجم حبنا لهذه الأرض المعطاة بالأفعال لا بالأقوال، حتى نكون قدوة للأجيال القادمة من أبناءنا، ولنكون مثالا للعطاء دون أن ننتظر المقابل أو أجر لما نقدم.
الكويت دائماً أولاً، لأنها الوطن، وانتماءنا هو السد المنيع الذي يقف في وجه كل من يريد أن يفسد و يعبث في أرضها الطاهرة، وهي الشعار الذي نردده دائماً في وجه هؤلاء الذين لا يفكرون إلا بمصالحهم الخاصة، ونصد به أطماعهم التي لا تنتهي، لقد أعطتنا الكويت الكثير، وهي اليوم تحتاج لبعض ما ندين لها به، فلنعبر عن ولائنا وحبنا لها بصدق وأمانة، ولنعطي صوتنا للذي يستحق. فالوطن أكثر خلودا من أبناءه، فكما قال أمير القلوب المغفور له الشيخ جابر الأحمد الصباح فالكويت الوجود الثابت ونحن الوجود العابر
إن الوحدة الوطنية هي عماد للعيش في أرض تسمو بالعدل والمساواة وتكافؤ الفرص بين أبناءها، فالوحدة لا يصونها قانون فقط، ولكن يصونها خوف كل مواطن على أرضها الطاهرة. فقد يعتقد الكثير منا بأن هذه شعارات متكررة وهي فارغة من مضمونها الحقيقي، ولكن الوحدة الوطنية مهمة، ويجب أن تكون نصب أعيننا عند الاختبار، فالوطن هو الأغلى لأن فيه تتجلى أبهي صورة للإحساس بالانتماء فليكن لصيقا لأرواحنا.