ghanimakaraim

العرس الديمقراطي صورة قديمة جديدة موجودة بيننا، نعيشها ونلمسها في واقعنا الحالي، وهي” تجسيد المبادئ في الأشخاص والخلط بينهما “، فنرى البعض يقع في هذا التخبط، ولم يضع حدا فاصلا بين مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ، فيغيب عنهم أن الأشخاص يستمدون مكانتهم من خدمتهم للمبادئ.
هذه المبادئ التي تُستمد أساساً من الخالق لا من الخلق التي لابد أن تتوافق مع المراد الإلهي لا أهواء النفوس ونزواتها، وبالتالي تميّز شخصاً عن آخر وترسم هُويته في عقول الآخرين.
لكن إذا تحول الحفاظ على تلك المكانة للأشخاص الذين أوليناهم مسؤولية القيام على الأفضلية بأن نغض النظر عن المبادئ التي هي الأصل والأساس فهنا انحرفنا عن القصد والمطلوب.
لذا وجب علينا الفصل بين الأشخاص والمبادئ، من خلال قاعدة منهجية هي الحل لفك التباس الأمر، فهذا الصحابي الجليل الحارث بن حوط قد التبست عليه معرفة الحق والباطل، فجاء الى الإمام علي بن أبي طالب “عليه السلام” يشكو له، فأجابه:” إنه ملبوسٌ عليك، وإن الحق والباطل لا يعرفان بالناس، ولكن اعرف الحق تعرف أهله، واعرف الباطل تعرف من أتاه”.
أي اجعل الحق والباطل هو المقياس للأفراد لا العكس، فمتى عرفت الحق والباطل وميزت بينهما ما التبس عليك الأمر وبالتالي عرفت أهلهما.
لكن إن تمثّل لك الحق في إنسان والباطل في إنسان هنا التبس عليك الأمر، فالحق يُعرف باتباع من اتبعه، والباطل باجتناب من اجتنبه، فدين الله لا يُعرف بالرجال بل بآية الحق.
لذا لابد لنا من رؤية ما سبق من منظور حياة الواقع وتطبيقه من خلال أن يجعل المرء الحق نصب عينه، فيكون ذا مبادئ واضحة راسخة وثابتة لا تزعزعه الظروف ولا الأزمات ولا المواقف، وبالتالي يصبح اختيارنا لهؤلاء مبني على أساس تمسكهم بمبادئهم لا على شخوصهم بحد ذاتها.
وبذلك نكون قد ميزنا بين الأشخاص والمبادئ وما خلطنا بينها، لا بل وأحسنا الاختيار أيضاً، فلا يتزعزع رأينا، ولا تتغير نظرتنا، فنصبح عارفين مُتعرفين على الحق وأهله المتمسكين به.

كاتبة كويتية

نشر بجريدة السياسة عدد الاثنين 9/5/2022

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *