النتيجة.. لا شيء

كثيرة هي الجهود النظرية والحملات الاجتماعية التي تتناول عددا من الموضوعات الحياتية المهمة والمتنوعة، كالتعليم، والمرور، ومواجهة العنف، ومواجهة الإدمان، وفي ظاهرة الطلاق، والتطرف الفكري.. وغيرها، وقد باتت هذه الجهود تستولي على اهتمام وسائل الإعلام التقليدية ووسائل التواصل الاجتماعي، سواء اتخذت هذه الحملات طابعا توعويا أو علاجيا،  ولا أقول ذلك من باب إنكار جدوى هذه الجهود أو التقليل من أهميتها، فهي ظاهرة إيجابية دون أدني شك، لكننا مع الأسف، كل الأسف، أصبحنا نعيش حال المثل القائل: “أسمع جعجعة ولا  أرى طحنا“، نسمع الكثير من الكلام والنظريات، وعن اهتمام مؤسسات الدولة في الكثير من المجالات والقضايا والمشكلات التي تواجهنا، حيث تتشكل اللجان وفرق العمل لمواجهة أي مشكلة تطفو على السطح، وتخصص المبالغ، وتستنهض الهمم، وتجرى الدراسات والبحوث لاستقصاء الأسباب واستخلاص النتائج، واستشراف الحلول الأنسب، ورفع التوصيات والمقترحات ووضعها أمام متخذي القرار.

أسمع جعجعة ولا  أرى طحنا

كل ذلك جميل، لكنني في معظم المرات التي أشهد بها هذا الاهتمام الكبير أعود فارغة اليدين، فالنتيجة ذاتها، لم يتغير شيء، وأتساءل هل أصبح التنظير وعرض الحلول المتنوعة ظاهرة تغزو مجتمعنا؟ هل نكتفي بما لدينا من فكر نظري؟ هل بات بذل الجهود غاية نتوقف عندها؟ أليس لذلك كله هدف؟ هل أصبحت هي الهدف بحد ذاته؟ وهل ننفق عليها الأموال والميزانيات دون أن نترقب منها النتائج والتغيير؟

إن كل عمل نقوم به يهدف إلى إحداث تغيير يحتاج لقياس الأثر بعد مرحلة التنفيذ، وإلا فما جدوى أي عمل إذا لم نحصل على نتائج، وهي تمثل الهدف الذي نسعى إلى تحقيقه، علينا إذن أن نتوقف عند قياس النتائج ومعرفة مدى التغيير التي توصلنا إليه، وما يحتاجه من تعديل، ولنتأكد كذلك من مناسبة آليات التطبيق، ومدى جدية الجهة المسئولة عن التنفيذ، كل ذلك لنتمكن من الحكم على نجاح النظرية في تحقيق الأهداف أو فشلها، وبالتالي الاستمرار في تنفيذها أو التوقف عن ذلك واستبدالها.

لقد أصبحت معظم جهودنا تدور في حلقة مفرغة، إننا أمام مشكلة أكبر من تلك التي يتم طرحها ونبحث عن معالجتها، إن مشكلتنا باتت تتمثل بالجهود الكبيرة التي لا تأتي بنتائج واضحة، المشكلة لم تعد هذه الظاهرة أو تلك، المشكلة أن النتيجة  دائما غير متوفرة للكثير من الأعمال والجهود، هناك خلل بالتأكيد، إما أن يكون ذلك الخلل بالرؤية وإما أن يكون بالتنفيذ وآلياته ومتابعته.

دعونا نتوقف ونتلمس مواقع الخلل، لنصوب الأخطاء التي تحول بيننا وبين النتائج، ونحدد ما نريد ونقوم بالعمل الذي يصل بنا لما نتطلع إليه، ودعونا نتوج جهودنا بتحقيق الأهداف، لنحافظ على الجهود التي نبذلها، ولا ندعها تذهب هباء منثورا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *