التغيير .. بين الأمل والعمل

يدرك الجميع بأنه ليس هناك أي مجتمع بمنأى عن حدوث تغيير في مكوناته السياسية،أو بمأمن من  تلك الرياح التي تهب في محيطه القريب، ولكن ذلك يتوقف على وجود الرغبة الحقيقية عند أفراد ذلك المجتمع بالتغيير، ومدى تقبلهم للنظام السياسي القائم، والشباب منهم بشكل خاص، نظرا لدورهم الذي كان واضحا في إحداث التغيير في ثورات الربيع العربي التي حصلت وما زالت تحصل.

 ولأن رياح الربيع العربي تكاد تطال كافة الدول، فإن الكويت ليست بمنأى عنها، فهي تعيش أياما عصيبة وفي حالة ترقب وخاصة في هذه الأيام، ولكن الأسئلة كثيرة هنا، فماذا سيكون دور الشباب الكويتي في المرحلة القادمة؟ وهل سيكون له دور واضح ومؤثر في الحراك السياسي؟ وهل سيتغير الواقع الحالي بمستقبل أفضل للأجيال القادمة؟

إن النظرة التحليلية للوضع الراهن لهؤلاء الشباب تشير بأنه مختلف لدينا، فقد رأينا الشباب في الدول التي تأثرت بتلك الثورات يفتقرون للكثير من الوعي السياسي، نظرا لظروف القمع الذي كانوا يواجهونها من أنظمتهم الاستبدادية، وهو الأمر الذي انعكس في كفاحهم المستمر للصمود في مواجهة التحديات بعد نجاح ثوراتهم، وبالعودة إلى الكويت التي وإن اختلفت نسبيا عن باقي الدول لما عرف عنها بتجربتها الديمقراطية الرائدة، إلاّ أننا نلاحظ عدم وجود الرغبة الحقيقية لشبابها لخوض التجربة السياسية، فدوره يكاد يكون مغيبا، وذلك بسبب صعوبة انضمامه إلى إي تكتل أو تيار سياسي، إلا في حدود ضيقة جدا، إضافة إلى تشبث رموز تلك التيارات بالقيادة بقوة، وهو ما يحول دون تدريب تلك القيادات للشباب على تحمل زمام الأمور واتخاذ القرارات السياسية، مع غياب دور المفكرين السياسيين الذين يمتلكون ثقلا سياسيا في السلطة ليقدموا لهم الدعم والنصح البعيد عن المصالح الشخصية، لإعانة الشباب على تكوين رأي منفرد، ناهيك عن الاستهزاء بعقول الشباب بسبب تمتع الشباب بعنصر الجرأة في اتخاذ القرار بثقة دون خوف، كما إن قلة الوعي بمعنى الديمقراطية الحقيقية عند بعض أفراد المجتمع قد يسبب عدم وضوح الرؤية لديهم، لذا نرى بأنه في غياب القدرة على التغيير والتأثير، وإزاء هذا الواقع الذي يقل فيه تنوع الفرص بخوض المعترك السياسي العادل، وتتراجع فرص مشاركة الشباب بفاعلية في الكويت، فإنه يزداد اقتناع أغلبية الشباب بعدم جدوى الانخراط في العملية السياسية الواقعية.

ولا أهول كثيرا من الأمور هنا، ولكن حسي الوطني يدفعني إلى التنبيه بأن الكويت تمر بمنعطف خطير، فهي إما أن تزدهر أو تنحدر لحافة الهاوية وأعوّل كثيرا على فهم الشباب الحالي لخطورة المرحلة القادمة، مع إمكانية أن تحدث وضعا سياسيا أفضل إن تم الاستفادة من تجارب وخبرات شباب الربيع العربي ومزجها مع الأرضية الخصبة التي نتمتع بها ـ وإن كانت غير كافية ـ من تاريخنا الديمقراطي، فهل يدرك شبابنا بأنهم عنوان للتغيير ونواة التقدم ورقي مجتمعهم؟؟ فبهم سينطلق قطار التغيير، وبأيديهم سيتحدد ما ستكون عليها الكويت مستقبلا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *