Chessboard

جميل أن نصادف في حياتنا اليومية أناسا اتخذوا من الثبات على المبادئ والقيم السامية منهجا وصراطا، وجميلة هي مجاهرة البعض بأن المصالح الشخصية ليست هي الأساس بالنسبة لهم لتوطيد العلاقات بين الناس، والأجمل إيمانهم بالمبادئ والقيم النبيلة هي السبب في نجاحهم، بالرغم مما يواجهونه من امتحانات شبه يومية في سبيل أن يحيدوا عنها، فنراهم يحاربون  للتمسك بها بقوة.

ولأن إيمان الإنسان بمبدأ ما يعتبر عمل نفسي ينبع من أعماقه، فنراه يسيطر على إدراكه ووجدانه الذهني، ويعتبره بمثابة عقيدته الفكرية والعقلية التي ينبثق عنها، أنظمة سلوكية وإنسانية ينتهجها في حياته كالوفاء والعدل والحرية والصدق والإيمان، كما إن احترامه للقيم والمعتقدات الاجتماعية يحفزه للعمل على توجيه رغباته نحو المحافظة على رقي مجتمعه وتصرفاته السلوكية المقبولة مجتمعيا، كالمواطنة والحرية الشخصية والمساواة بين الناس والاستقلالية الذاتية واحترام الآخر… وغيرها، فإن ذلك يتطلب منه تضحيات كبيرة حتى يحقق ما يرمي إليه، وبذلك لن يكون مستغربا بأن يضحى الفرد بمصالحه الشخصية من أجل تحقيق مصلحة عامة، وخير مثال على ذلك ما نلمسه من رفض البعض لكافة الإغراءات المادية والمعنوية في سبيل التخلي عن مبادئه.

وفي المقابل يرى البعض الآخر بأن التمسك بالمبادئ دون المصلحة الشخصية ما هو إلا نوع من السذاجة، إيماننا منه بأن الإنسان عليه أن يعيش ويحقق طموحه وأحلامه دون مراعاته لمصالح الآخرين، مبررا سلوكه بأن حب الذات هي غريزة فطرية طبيعية موجودة بداخل كل نفس بشرية، وبها يجد الفرد الدافع للارتقاء وتحقيق أهدافه، فيشعر بالرضا وحب الحياة واعمار الأرض، متناسيا ما قد يسببه ذلك من انتهاك لحقوق غيره ودمار لمجتمعه.

إن استغلال بعض القياديين لمناصبهم وسلطتهم أسوأ استغلال هو دليل ساطع على صدق ما أقول، لكن الخشية أن يتحول هذا الأمر إلى  ظاهرة هي ما يمثل الخطر الأعظم.

وقد يفتح هذا الاختلاف أمامها المجال لنتساءل،هل بالإمكان التوفيق أو الموازنة بين المفهومين؟! وخاصة بأن كلاهما ضروري ومهم، ولا يمكن تجاوزه في حياتنا اليومية، إذ يعتبر التغاضي عن المبادئ العامة انتهاك لحقوق الآخرين وقد يؤدي لضياع المجتمع بالكامل،ونظرا إلى إن تجاهل الإنسان لمصالحه الشخصية هو إهدار لأحد أهم بواعث النشاط والابتكار، وهى سبيل للنجاح والتقدم والتميز… فيتضح هنا بأن العلاقة بينهما هي علاقة تكاملية، بشرط أن يتم التوافق بينهما بما يحقق للفرد مصالحه الشخصية ومصالح الآخرين وحماية للمجتمع، أما في حال وجود تعارض بين المصالح والمبادئ، في هذه الحالة تبقى الإجابة متروكة لك….!!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *