student-stressed

كان للقرار الوزاري رقم ( 242/2000 ) بشأن اللائحة التنفيذية للقانون رقم 4/96 لإنشاء فصول خاصة للطلبة بطيئو التعلم، الذي يأتي تدعيما لخطوة وزارة التربية غير المسبوقة في دول مجلس التعاون الخليجي، المتمثل بالقرار الوزاري رقم ( 178 ) لسنة 1993 بإنشاء الأمانة العامة للتربية الخاصة، التي تعنى بفئات الطلبة ( الفائقي التعلم، بطيئ التعلم ومتلازمة الداون)، أكبر الأثر في تحفيز قياديي وزارة التربية على المضي قدما في تبني فئة معينة من الأطفال، الذين يعانون الأمرين في بيئاتهم التعليمية والأسرية، ونتكلم هنا عن الطلاب الفائقين والبطيئين، ومن ضمن ما يهدف إليه إنشاء الأمانة: ملء الفراغ لهذا النوع من التربية، واستثمار قدرات المتفوقين عقليا إلى أقصى طاقاتها، وإعداد قيادات للمستقبل في مختلف مجالات التخصص العلمي والفتي والأدبي، وتطوير القدرة على التفكير والابتكار. وإنجاحا لتلك الخطوة تم افتتاح فصول خاصة للطلبة الفائقين في المرحلة الثانوية منذ عام 99/2000، حيث تلقى هؤلاء الطلبة تعليما مميزا، وتمكنوا من تحقيق نسب تفوق الـ 90%، إضافة إلى المشاركة في مسابقة السلامة اللغوية والتي تنظمها جامعة الدول العربية، فحقق أصغر المشاركين من دولة الكويت المركز الثاني، ونظرا لأهمية دور هذه الفئة فقد تم إنشاء مكتب خاص لرعاية المتفوقين، وهو يتبع مكتب وزير التربية مباشرة، وقد علمنا أنه وفي إحصائية صادرة عن لجنة شكلت لحصر أعداد المعاقين الكويتيين وغير الكويتيين وتصنيف إعاقاتهم عام 2006، ورد فيها وجود (595) حالة من حالات بطء التعلم.

الآثار النفسية

نذكر جيدا ما شهدته الساحة التربوية في العام الماضي من حادثة أليمة تتلخص بقيام مجموعة من الطلاب باحتجاز تلميذ من بطيء التعلم بإحدى المدارس، وقيام ولي أمر الطالب برفع شكوى إلى وزارة التربية، مما يؤكد أهمية وجود برامج للتوجيه والإرشاد وعلى ضرورة دعم الطلاب المحتاجين إلى العناية، ولقد شرحت د. فاطمة عياد، سبب المشكلة بكون هؤلاء الأطفال يوضعون بنفس المدرسة مع أقرانهم العاديين، ويفترض الفصل بينهم، خاصة في حصص العلوم والرياضيات، لأن استيعابهم أقل سرعة من غيرهم. وعلق د. كاظم أبل،  على الحادثة بالدعوة إلى ضرورة إعادة النظر وزيادة الاهتمام في الخدمات النفسية والاجتماعية المقدمة بالمدارس.

ووصف هذه الحادثة بأنها إنذار للتربية في الكويت، واعتبر ما حدث بمثابة كارثة، ولقد أسهب في شرح المشكلة الاستشاري النفسي بمدرسة أبو حليفة النموذجية لذوي الاحتياجات الخاصة التابعة لشركة مؤسسة أم القرى التعليمية عند سؤالنا له ، فأجاب قائلا بأن وجود الطلاب الفائقين أو بطيئى التعلم في وسط طلابي عادي من الناحية النفسية تؤثر سلبا في نفسية كل منهم وبمستوى عال. ولبيان أهمية المشكلة وانتشارها عالميا، نذكر أنه في عام 1976 شكلت تلك الشريحة في الولايات المتحدة الأمريكية حوالي 16 مليون تلميذ، أي نسبة تتراوح بين 16% و 30% من مجمل التلاميذ. وفي هذا الصدد أيضا يشير هنري جودارد ( 1933 ) إلى أن الأطفال المتفوقين مصاغون من مادة فاخرة أكثر من عامة الأطفال، وهم أكثر حساسية وحذرا وسرعة في تفكيرهم، وإذا لم تقدم لهم الاستشارات المناسبة فإنهم سوف يخلقون مشكلات في الفصل، وعندما يوضعون في مجموعة عادية من الأطفال فإنهم يصبحون مشكلة للمعلم، حيث إن معالجة كلا النوعين من الأطفال تصبح صعبة جدا، وعلى الرغم من كل وما ذكر وسرد مطولا منذ بداية حديثنا، في محاولة بيان أبعاد وأهمية المشكلة، كانت دهشتنا كبيرة حين تلقينا الردود على أسئلتنا مركزة على فئة بطيئ التعلم ومتجاهلة لفئة الفائقين، وملاحظة أن كلام المعنيين بالأمانة ينصب في معظمه على البطيئين متجاهلا الفائقين، مما ولد لدينا قناعة بأن الخلل يبدأ من المعنيين بمعالجة المشكلة، مما جعل الطلبة الفائقين طلبة منسيين بامتياز.

موضوعية وحيادية في التصنيف

وفي هذا المجال كان لنا لقاء مع المسئولة التربوية عبير سليمان الصالح أخصائية نفسية أولى في برامج الفصول الخاصة ( بطيئة التعلم ، متلازمة الداون ) بالأمانة العامة للتربية الخاصة، التي أشارت إلى أن عملية تصنيف الطلبة تتم بموضوعية وحيادية، حيث يتم دراسة حالة الطالب المحول إليهم من حيث  الجانب التحصيل المتمثل برأي المدرسين حول مستوى الطالب، ومن الجانب النفسي حسب اختبار الذكاء أو الشخصية المطبق على الطالب والجانب السلوكي، والمشكلات التي تتعلق بسلوك الطلاب كالحركة الزائدة أو عدم الثقة بالنفس والجانب الاجتماعي، الخاصة بوصف حالة الطالب اجتماعيا، وأخيرا الجانب الصحي من حيث معاناة الطالب من أية أمراض أو مشاكل صحية، وردا على سؤالنا حول معايير التعرف على تلك الحالات أجابت بأن تعثر التلميذ دراسيا أو الرسوب المتكرر الناتج عن تدني نسبة الذكاء، وهي تتراوح بين 70ـ 84% في اختبار أو أكثر من الاختبارات الفردية المقننة، يعتبر من المعايير الرئيسية التي يؤخذ بها لقياس الحالة، مؤكدة على أنه ينبغي الاعتماد على نسبة الذكاء كأساس وحيد للتشخيص.

نظام تعليمي مرن

وفي هذا السياق، كان لنا لقاء مع السيد يوسف نقي، رئيس قسم الرياضيات في الفصول الخاصة بالأمانة العامة، الذي أفاد بأنه إذا تبين بأن الطالب ( بطيء التعلم ) قد استطاع التغلب على صعوباته الدراسية، وأصبح بمقدوره مسايرة مناهج التعليم العام، يقوم المدرسون حينئذ بالتنسيق مع الاختصاصي النفسي بالأمانة بإعداد تقرير عن تحصيله الدراسي معتمدا من إدارة مدرسته، وتحديد إمكانية إعادته للفصول العادية، وبعرض الأمر على ولي أمره لاتخاذ قراره.

مناهج دراسية خاصة

أما فيما يخص المناهج الدراسية والمجالات العلمية، فيقول السيد فاضل عباس بندر (رئيس قسم العلوم)، وهو من المؤسسين لهذه البرامج، إن الأمانة العامة تقوم باختيار أربعة مجالات علمية لتدريسها بالفصول بالمرحلة المتوسطة، وفقا للإمكانيات المتاحة وقدرات الطلاب وميولهم.

مشاكل ومعوقات

 وفي لقاء أجريناه مع مدرس ( رفض الكشف عن اسمه ) في مدرسة أبو حليفة النموذجية لذوي الاحتياجات الخاصة التابعة لشركة مؤسسة أم القرى التعليمية، حيث أوضح بأنه يتم وضع الطلبة بطيئي التعلم في فصول دمجوا فيها مع أقرانهم العاديين، مع توفر خدمات تعليمية فريدة لهم، أما فيما يخص الطلبة الفائقين فيتم متابعتهم والاهتمام بهم من قبل الأمانة العامة للتربية الخاصة، وهم مسجلون في فصول خاصة، ونتعاون على صقل قدراتهم مواهبهم مع النادي العلمي من خلال الدورات ثرية بالمهارات اللازمة، وهي تلبي احتياجاتهم وقدراتهم ، وذكر عددا من أهم المشاكل التي تواجههم تتلخص فيما يلي :

  • توقعات الأهل المبالغ فيها، وخصوصا من حيث مساواتهم بأقرانهم العاديين من حيث الدرجات والمستوى العالي في التحصيل.
  • توقعات الأهل من حيث أن المشكلة مشكلة آنية، وتنتهي بعد تلقي الخدمات التربوية.
  • اختلاف القدرات فيما بين الطلاب ويتم التعامل معها خلال المختبرات اللغوية.
  • رفض الطلبة أنفسهم الالتحاق بمختبرات الدعم، لما في ذلك ومن وصمة اجتماعية أو تسليط الضوء عليهم من قبل زملائهم العاديين.

فضلا عن الآثار النفسية المتمثلة في الاضطرابات النفسية المختلفة، مثل الشعور بالملل والانسحاب من المجتمع التعليمي، وعدم القدرة على الاحتفاظ بالصداقات والعلاقات بسبب اختلاف الميول والإمكانات، والضغط النفسي المرتفع نتيجة التوقعات المرتفعة من الأهل والخوف من الفشل.

ثلاثة أسس مفقودة .

ومما يعزز رأينا، ما ذكره الأستاذ إبراهيم عبد النبي بصوفه قد زاول مهنة التدريس لمثل تلك الفئات قبل تقاعده خلال تلك التجربة، وذلك حين توجهنا لأخذ رأيه، فأجاب شارحا بإيجاز بأنه غير راض عن أداء الأمانة تجاه الفئات التي أنشأت من أجلها، وأنه لا بد أن نعرف أيضا أن كل برنامج تربوي يقوم على ثلاثة أسس: الأول معلم متخصص، والثاني مقررات دراسية ملائمة، والثالث تلميذ تنطبق عليه المواصفات المحددة لهذه الفئة، ويشير إلى أن هذه الأعمدة برمتها مفقودة في هذا البرنامج، ويؤكد ذلك أن معظم من أسسوا هذا البرنامج وتدربوا عليه وعملوا في قد فارقوه بعد فترة وجيزة لأسباب لسنا بصدد ذكرها الآن.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن كل طالب من هذه الفئة يحتاج إلى إعادة تأهيل وخطة علاجية خاصة، وهذا الأمر أيضا لم يكن مطبقا، والأهم من ذلك أن يتم الدمج لطلاب هذه الفئة مع غيرهم من الطلاب الأسوياء دراسيا، من خلال بعض المواد العلمية مثل التربية البدنية والمواد الفنية وغيرها. وهذا أيضا مفقود في البرنامج ، إضافة إلى أن معظم الإدارات المدرسية التي ألحق بها طلاب هذه الفئة كانت تفتقد إلى الدراية المناسبة بكيفية التعامل مع إفرادها، وأكثر من ذلك أنها كانت تعتبرهم ثقلا يتمنون إزاحته عن كواهلهم، ويخلص إلى القول بأن استمرار هذا البرنامج لا يعني بحال من الأحوال نجاحه، ويكفي تأكيدا لما ذهبنا إليه أن أحدا من القائمين عليه لم يجرؤ منذ تأسيسه وإلى الآن على إعلان جدوى هذا البرنامج أو النتائج التي تحققت بشكل موضوعي أو علمي، بالإضافة إلى تعرض هذا البرنامج غير مرة للتوقف، لكن وجود بعض المصالح الخاصة دفعت إلى استمراره حتى الآن.

كما نوه لنا بأن هناك بعض نظم التعليم في المدارس الأجنبية تنتهج أسلوب القفز في السلم التعليمي لبعض الطلبة الفائقين دراسيا، وقال بأنه لا شك أن نظام ترفيع الفائقين من الطلبة لم يكن بدعة من دولة ما أو مؤسسة تربوية معينة، بل هو نظام يعمل به في معظم دول العالم المتقدمة، يسعى إلى إتاحة فرص التعلم بما يناسب مع القدرات والفروق الفردية بين الطلاب، ويهتم بالفائقين والمبدعين من الطلبة مما يتيح لهم الفرص للإبداع والتميز.

في الختام

نوجه مناشدة من القلب إلى كل المعنيين ومن داخل الهرم التعليمي والتربوي في الكويت بأن يولوا هاتين الفئتين المزيد من الاهتمام والعناية، ومنحهم مزيدا من الرعاية والاهتمام في تطبيق اللوائح المعتمدة لتصنيف الطلبة الفائقين والبطيئ التعلم. وتسخير كافة الإمكانيات المتاحة لهم، فأين هم الآن خريجو الدفعة الأولى من الطلبة الفائقين في المرحلة الثانية في العام الدراسي 2002/2003 ؟ وأين دورهم في المجتمع؟ وكيف يمكن لبلدهم ومجتمعهم أن يستفيد منهم؟ وكيف يمكن لنا أن نطور من مؤهلاتهم، وفقا للنظريات التعليمية والتربوية الحديثة، ولدينا من الإمكانيات الكثير ولله الحمد ؟! أسئلة كثيرة ما زلنا بانتظار إجابات عليها، ومازلنا رغم ذلك نأمل خيرا في التفاتة إلى هاتين الفئتين والخروج بهما من دائرة النسيان وبخاصة فئة الفائقين.

الفرق بين الطالب البطيئ والطالب صعب التعلم

يعاني الطالب بطيء التعلم من تدني درجة الذكاء والتحصيل لديه، أي يأخذ فترة أطول من المعدل الطبيعي والكثير من الدراسات أثبتت بأنه يقع في الفئة الحدية بين المتخلفين عقليا والعاديين. وهؤلاء هم مجموعة من الأطفال غير القادرين على مواكبة أقرانهم في التقدم الدراسي، على الرغم مما يتصفون به من درجة مرتفعة من الذكاء، حيث يرجع ذلك لعدة أسباب، وقد أثبتت الدراسات بأن هناك 230 ألف طالب في المرحلة الابتدائية مصابون بصعوبات التعلم.

كيف نتعرف على الطفل الموهوب؟

        هناك مجموعة من السمات التي نستدل بها على الطالب الموهوب يمكن توضيحها في الأمور التالية:

  • – فضولي، كثير الأسئلة في جميع المجالات.
  • – يخصص ساعات طويلة للبحث في مجال واحد ( علمي أو نظري ).
  • –  يتميز في مجال علمي معين أو قد لا يتفوق علميا، ولكن يكون ذا قدرة عالية في عدة مجالات متنوعة.
  • – يطرح الأسئلة ويتحدث بأسلوب علمي عال ومميز ويميل إلى المناقشة الدائمة.
  • – ناضج ولديه استقلال فكري.
  • – لديه مجموعة من القدرات العقلية والذهنية المتميزة.
  • – موهوب بالأنشطة التربوية المختلفة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *