bribery

يكاد لا يمر يوم إلا ونقرأ أو نسمع عن قضية رشوة متهم فيها موظف كبير في أحد قطاعات العمل الحكومي أو الخاص، حتى أصبحت هذه الآفة  من أخطر آفات الفساد وأكثرها تفشيا في المجتمعات، ولم يعد يخلو أي مجتمع من آثارها، وقد طالت خطورتها كل من الفرد والمجتمع على كافة المستويات الاجتماعية والأخلاقية والاقتصادية، فالتعامل ولا شك بمثل هذا السلوك يؤدي إلى الإخلال بمبدأ المساواة ورواج الغش فضلا عن انتشار الفساد الإداري الذي يؤثر على مستوى وسمعة الدولة بشكل عام، كما أنها تقوّض روح الضمير الإنساني لدى المرتشي على المستوى الخاص، وكم أعجب ممن استسهل الرشوة وخان أهله بإطعامهم من المال الحرام دون أي يرف له جفن أو يحرك ضميره ساكن ؟  فرضي وتكيف مع قبول هذا المال الذي يعيل به أبناءه حتى تبدأ هذه الآفة لديه بالتفاقم ، فيزداد طمعه وجشعه يوما بعد يوم إلى أن يشعر بأنه مهما حصل على مال وثروة، فهو لم يأخذ حقه بعد ويستحق المزيد والمزيد. وكم أعجب ايضا من مسئول يبيع بعض الأسرار المؤتمن عليها أو من موظف يجيز تمرير بعض المعاملات غير القانونية على حساب مستحقيها وعامل بسيط قد يعزف عن أداء عمله الضروري إذا وجد من يقبل رشوته تحت أي مسمى كان، ولا يخفى على أحد ما نشهده هنا في الكويت مع كل موسم انتخابي ، فكم من مرشح  يملك المال ويشتري به ذمم الناس بالرشوة من خلال الدفع النقدي، أو تسديد الديون والفواتير، أو توزيع الأموال على شكل هبات أو صدقات، أو غيرها من الصور، إنها قمة الخيانة للوطن،  ولقد ذكرهم الله عز وجل في محكم كتابه حين قال ” سمّاعون للكذب أكّالون للسحت ” كما لعنهم رسوله الكريم حين قال ” لعن الله الراشي والمرتشي ”   .

لقد جاءت الرشوة كآفة أخرى دخيلة على مجتمعنا، بعد أن استشرت لدينا آفة (الواو) أي الواسطة التي وجدت بسبب تركيبة وخصوصية المجتمع الكويتي والتي نكاد نكون قد سلمنا بها صاغرين لتسهيل أمورنا اليومية، فيما وفدت الرشوة إلينا بسبب التركيبة السكانية الناتجة عن مزيج  من أنماط بشرية متنوعة ذات مستويات متفاوتة الدخل، أتت بها بعض الجنسيات الوافدة إلينا من موطنها الأصلي وعملت على نشرها في مجتمعنا. ولعل الأمر الأخطر مع انتشار هذه الآفة لدينا بهذه الصورة الكبيرة أنها أصبحت جزءا من نسيج الحياة الاجتماعية في المجتمع، فانتشر معها مفهوم غريب يمكن أن يطلق عليه ” ثقافة الرشوة “والتي كلما استفحلت في المجتمع كانت كمعول هدم لا تنفك تطرق في أركان المجتمع حتى تزعزعه، لذا فعلينا جميعا أن نهب لمكافحتها، من خلال زيادة الوعي لتجنب مثل تلك الآفة وتفعيل وتغليظ العقوبات بشأنها لنقي أنفسنا ووطنا من التهلكة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *