المتلونون

تراودني دائما تساؤلات حين أقابل أشخاصا تغلب على طباعهم وتصرفاتهم صفات ظاهرها يناقض ما في باطنها، فأجد أن التلون هو الصفة الحقيقية لهم، فتارة يكونون على سجيتهم وتارة يظهرون شخصيتهم الأخرى المخفية، وإن سألتهم عن سبب ارتدائهم لألبسة غير ألبستهم، ولماذا ينهجون هذا السلوك وما يرجونه من وراء ذلك؟ قالوا مبررين ذلك بسبب ما  فرضه عليهم واقع الحياة، وإن ما يقومون به هو بسبب ما يواجهونه أحيانا من مواقف وصعاب تضطرهم إلى أن يظهروا بشخصية غير شخصيتهم الحقيقية، بحجة أن “المرونة ” مطلوبة لمواكبة الحياة ومتطلباتها ولتحقيق الأهداف التي يودون تحقيقها.

فإن كان النفاق أو الرياء المتعارف عليه في مجتمعاتنا حاليا مبررا لأعمالهم وهو السلوك الصحيح بوجهة نظرهم، فهذا يناقض ما أمرنا الله به!! الذي دعانا للتمسك بالفضائل ومكارم الأخلاق والبعد عن الرذائل، التي تساهم بدورها في نشر الفساد بالأرض، فأين نحن من سمو الأخلاق؟؟

وكل هذه التبريرات الواهية هي في أساسها منافية للعقل والمنطق ولفطرة الإنسان السوي وهويته، فنحن لسنا بحاجة لأن نكون من المتلونين لنصل إلى ما نريد، ناهيك أن انتشار مثل هذا السلوكيات لا بد لها أن يخلف فسادا كبيرا في المجتمع.
فلتكن الشفافية والمصداقية هي المسيطرة على تصرفاتنا وتعاملاتنا، ولنبقى دائما على سجايانا وهوياتنا، فمثل هذه السلوكيات المذمومة لا تنبع إلا من نفوس ضعيفة الإيمان فاقدة للمبادئ، ومؤهلة للتلون ومهما بلغت درجة التحديات والظروف.. وهنيئا لمن عرف كيف يتغلب على مصاعب الحياة دون تملق أو نفاق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *