اذا-فات-الفوت-_ما-ينفع-الصوت

علينا قضاء إجازة الصيف هذه السنة في إحدى الدول الأوروبية، وشراء سيارة فارهة، واقتناء ملابس وإكسسوارات من أفضل وأرقى الماركات العالمية، و..و..و. حتى أصبح مجتمعنا استهلاكيا، يتحدث أفراده عن أهمية العيش بترف وبذخ دون وضع اعتبارات إلى تأثير ذلك على إمكانياتنا المادية، وعليه أصبح أكثر من 96 % من الشعب الكويتي مدينون. وأكثر من 43 % من الراتب الشهري يدخل في حسبة سداد الأقساط الشهرية لإجمالي ديون فاقت الـ 400 مليون دينار كويتي.

فجأة، وبعد أن أنهكت الديون كاهلنا وأرقت ليلنا، وأبعدت النوم عن جفوننا بدأنا نصيح، ونطالب بمن يحل أزمتنا ونلوم الظروف الأسرية ومتطلباتنا المعيشية، ونلوم التجار بسبب غلاء الأسعار ووسائل الإعلام سبب ترويجها لثقافة الاستهلاك، وأخيرا أصبحنا نطالب الحكومة بتحمل هذه المديونيات وإسقاط القروض عنا.

وفي وقفة مع الذات، ومن منظور عاطفي بحت، فإنني أتمنى كسائر الكويتيين ممن تورطوا مع القروض ومشاكلها وأعبائها ـ مبادرة الحكومة إلى إلغاء القروض عن كاهل المواطنين، إلا أنني وبنظرة واقعية وطنية فأنا لا أرى فائدة من إسقاطها، وخاصة أن تلك الخطوة ستفاقم مشكلاتنا الحالية ومشكلات أجيالنا مستقبلا  فيما لو استغلت أحسن استغلال في مجالات التنمية لبنى الدولة العمرانية والصحية والتعليمية وغيرها.

وهذا لن يتحقق إلاّ بتكاتف وتضافر كافة الجهود كل ودوره، فهناك دور أسرى يقع تنفيذه على المسئول عن الأسرة بضرورة عدم الإنفاق إلا في الأشياء الضرورية. والى ضرورة تغيير النمط الاستهلاكي عند المواطن، ذلك الذي كان في السنوات الماضية محصورا على المقتدرين ماديا فقط، ويمثل ترفا اجتماعيا غير مرغوب فيه، كما يجب أن لا نتجاهل الدور الإعلامي الذي يقع على عاتق وسائل الإعلام، بسبب ترويجها لثقافة الاستهلاك، وإشراك الحكومة في تحمل المسؤولية بتجاهل دورها التوعوي بترشيد الإنفاق على غرار حملة ترشيد الطاقة في الكهرباء والماء، أو حتى التركيز عليها في مراحل التعليم الابتدائية لغرس وترسيخ ثقافة التوفير والاقتصاد في نفوس النشء.

وإن كنت لا أرى بأن المشكلة تتطلب وعيا فكريا فقط، بل تتطلب وضع إجراءات جديدة من قبل المعنيين في البنوك والشركات، والتي من شأنها تقنين الاستهلاك والحصول على القروض الاستهلاكية، والحد من التسهيلات التي تمنح لشراء بالأقساط، بوضع  أسس وقوانين واضحة من قبل الجهة المسئولة عن البنوك والشركات الاستثمارية (بنك الكويت المركزي) تمنع من زيادة الفوائد المتكررة، والتي تطبق على المقترضين القدامى والجدد، للحد من الأضرار جسيمة.

 فالمخاطر عندئذ لن تقف عند حد السجن أو الإفلاس، بل أدت وستؤدي إلى التفكك الأسرى وانحراف الأحداث وارتفاع مستوى المؤشرات التي تنبؤ بالآفات الاجتماعية الخطيرة، وحينئذ سنعض على أصابعنا ندما معترفين بالقول ” إذا فات الفوت، لا ينفع الصوت “.

اذا فات الفوت … ما ينفع الصوت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *