هروب الفتيات

فتاة في عمر الزهور ذات الـ 16 ربيعا وجدت مع شاب في شقة، أم استيقظت نومها لتتفقد أبنائها وإذا بها ترى فراش ابنتها خال إلا من رسالة مكتوب فيها: “أنا لا أطيق العيش هنا ففضلت الهروب مع من أحب”

إنها مانشيتات عريضة دأبنا على قراءتها بين الفينة والأخرى في صحفنا ومجلاتنا المحلية، وخاصة بعد أن أصبح لدينا نوعية متخصصة من المجلات لمثل تلك الحوادث والأخبار، يقبل عليها الصغار قبل الكبار لما تحويه من كم هائل من أخبار دسمة وشيقة، تسرد شرح للمغامرات الطائشة فقط، دون محاولة وضع اليد على موضع الجرح لإعطاء البلسم المطلوب.

 نقرأ قصصا وحكايات ونسمع عن الأسباب التي أدت إلى كثرة هذه المشكلة، فبعضها ترجع إلى التفكك الأسري سواء بالطلاق ووجود زوج الأم أو زوجة الأب، وبعضها تكون بسبب كثرة الخلافات بين الأبوين والآخر يكون من عدم وجود الرقابة على تصرفات الأبناء، واحتمال أن تكون من الفراغ وقلة الوازع الديني، أسباب كثيرة، ولكن أين تكمن المشكلة الحقيقية؟ وكيف حلها هو ما نبحث عنه هنا؟

لقد فرض علينا الواجب أن نسلط الضوء على آراء قد تفيدنا للوصول إلى السبب الحقيقي لهذه المشكلة، فبادرنا بسؤال الشريحة التي تهمنا هنا، فكانت أسئلتنا تنحصر بالتالي: ما رأيك بالفتاة التي تلجأ للهروب من منزل ذويها لترتمي بأحضان شاب لا تعرفه إلا من خلال الهاتف أو من خلال أصدقاء السوء؟

فأجابت ج.ع:

الضغط يولد الانفجار! “قول مشهور” أثبت نفسه، فالضغط فعلا يولد الانفجار، قد يضغط بعض الأهالي على بناتهم، خاصة المراهقات منهن، ظنا أنهم يحمون بناتهم من المشاكل،ولكن العكس صحيح، فهم بذلك يحرمون بناتهم من معرفة واقع الحياة، ويؤدي إلى وقوعهن في الأخطاء، ذلك أن الحاجز الذي فرض على بعض الفتيات يحد من قدرتها على تمييز الخطأ من الصواب في ظل الحاجات النفسية لديها، فتراها بمجرد أن تتعرف على شخص يقول لها الكلام الجميل ويحسسها بوجودها، نراها تنصاع له وتنفذ كل ما يطلبه منها، حتى لو كان ذلك على حساب شرفها وسمعتها.

أما د. م، فإنها ترى بأن الدلع والحرية الممنوحة من الوالدين لبناتهم، التي قد تكون بلا حدود هي سبب ذلك، فقد نرى أن الوالدين يزودون أبنائهم بالمال والسائق وحرية الخروج والدخول بلا حسيب ولا رقيب، بعذر حبهم وثقتهم بهن، تسبب الكثير من المشاكل، فهي تبرر ذلك بأنه هروب من مسئولية التربية.

            الانفتاح على العالم الغربي والفساد المنتشر هو السبب، هذا ما قالته م.ع: فالعالم الغربي بجميع عاداته وتقاليده موجود الآن في ديرتنا، فأصبحنا نلتقط الأخلاقيات الفاسدة حتى أصبح مجتمعنا ينظر للأخلاق الحميدة بأنها قديمة وعائق ضد التحضر والمدنية.

وقالت ح.ج : لا تعجبني هذه الفتاة، و لكن للضرورة أحكام، فقد تكون الفتاة تعاني من ضغوط من أهلها أو تكون فاقدة للحنان و مهملة فتلجأ إلى هذه الخطيئة، ويرجع ذلك أيضا إلى ضعف الوازع الديني، فلا نلقي كل اللوم على الأهل.

وقالت ف.ع : يرجع ذلك إلى الأهل و طريقة معاملتهم للفتاة، فإما يكون السبب في الحرية و الدلال الزائد أو الضغط غير المعقول.

بعض الفتيات أفصحن عن رأيهن، لكن هذا لا يكفي فالمشكلة لم تحل، والإحصائيات تشير لذلك، وتبين بأن هروب الفتيات عدد لا يقل عن  1 فتاة دون ألـ 17 عام يهربن من منزل ذويهم، وهي ظاهرة لابد من الاعتراف بواقعها وخطورتها، بل نرفع الصوت عاليا وعلى كافة الأصعدة ونقول نريد حلا.

آباء يتكلمون والحسرة تلمع في أعينهم والخوف يملئ قلوبهم، فها هي أم محمد تقول: أني خائفة لا أعلم ماذا أفعل، ابنتي لا تحب الخروج مع إخوانها بحجة أنها أكبر منهن، هل أثق بابنتي وأعطيها حرية الخروج مع صديقاتها؟ وأنا أرى بعض الفتيات والمراهقات في الأسواق المحلية بلا حسيب ولا رقيب، فهل يعقل انتقادي لهن وأفعل أنا الشيء نفسه؟

وقال ع.ح : لا يهمني التمدن والانفتاح الزائد عن الحد، فخوفي على أبنائي يجعلني أفتش بغرف نومهن وأشك بهن كثيرا عندما أراهن يتحدثن بالهاتف، فقطعت التلفون من البيت إلا من غرفة نومي، ومنعت الكمبيوتر من الدخول في بيتي، هذا أسلم لي ولهن.

وقال ولي أمر آخر (ع.ع) : لماذا كل هذا الخوف؟ فالخوف لا يأتي بنتيجة، والحل هو أن أصادقهن وأمنحهن الثقة، ولكن بحدود ولا أحرمهن من حقوقهن حتى لا يحسسن بالنقص، ففي هذه الحالة عقابي لهن يكون على قدر خطأهن.

مما ذكرناه لمسنا بعض الواقع الذي نعيشه ولكن ما زلنا نريد معرفة ما هي الأسباب وكيفية العلاج. فأخذتنا استفساراتنا إلى البحث عن الحلول فأفادنا الدكتور إبراهيم العلي ـ أخصائي علم نفس

دعوة أوجهها لكافة التربويين والأخصائيين ورجالات العلم والتربية وكذلك نرفع الصوت عاليا لتصل إلى آذان كل المعنيين بتلك المشكلة لكل أم وأب لكل المسئولين لنتكاتف ونعمل جمعيا من لآن وقبل فوات الأوان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *