المبدأ-أمام-الثبات-والمرونة-

إن المبادئ والقيم هي خلاصات إنسانية ، فكرية ، تربوية ، أخلاقية ودينية تضيء للمرء دربه  وتضبط  سلوكه خلال مراحل  حياته المختلفة ، التي قدر الخالق أن يحياها الإنسان في مشقة وعناء، قال تعالى: ” لقد خلقنا إلإنسان في كبد “، فيتعرض الإنسان خلالها لظروف صعبة وعسيرة تجعله في محك اختبار لمبادئه وقيمه.

فقد يواجه الإنسان  في حياته  سواء في العمل أو الحياة الشخصية العديد من المواقف،  فيتعرض في عمله إلى الكثير من الضغوط فيجد نفسه في حيرة من أمره ، ماذا يجب عليه أن يفعل في تلك المواقف؟ هل يقدم  بعض التنازلات لترفع عنه الحرج وتخفف عنه تلك الضغوظ ؟ أو يظل متمسكا بمبادئه التي آمن بها فأصبحت طريقا لا يحيد عنه مهما كانت التضحيات والإغراءات في سبيل التخلي عنها ؟. 

كذلك في حياته الأسرية خاصة بعد هذا الانفتاح على العالم بأسره، وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي بشكل هائل والتي تسهل دخول الآفات الاجتماعية والانحرافات الأخلاقية ، فهل يمنع أبناءه من الاستفادة من هذه التقنية والتواصل مع الآخرين من باب الخوف عليهم من الانحراف فيفرض سيطرته عليهم بقصد تربيتهم كما رباه والديه ؟ أو يفتح لهم الباب على مصراعيه بدعوى أن يعيشوا حياة  جيلهم ومن حولهم ؟  وكيف يعرف بأنه على صواب أو خطأ ؟ 

لا يختلف اثنان بأن التمسك بالمبادئ والقيم هو الطريق الأسلم لتقويم مسار حياتنا ، ولكنها أحيانا تسبب لنا الكثير من المشكلات لو لم نستطع التفريق بين متى وأين وكيف نطبقها على أمور حياتنا سواء العملية  أو الاجتماعية وغيرها ، وهنا نقع في حيرة من أمرنا … إلى أين نحن ذاهبون ..؟ ، هل نحن مخطئون أم مصيبون ؟ ، وما هي العواقب والتضحيات التي ستلقى علينا  كأفراد وعلى أبنائنا ومجتمعنا ؟ وهل نتمسك بالمبادئ السليمة أو نتركها ؟.

هكذا نكون قد وضعنا أنفسنا بين خيارين فقط ، متناسين بأن هناك خيار ثالث متاح لنا وهو إمساك العصا من النصف بتطبيق مبدأ التوازن و المرونة عند اتخاذ القرارات والعمل بها  وفق ما تقتضيه مبادئنا وقيمنا ، والذي سيقينا الكثير من الحيرة والمشاكل ويخفف عنا الضغوط ويجعلنا مواكبين للأوضاع التي تفرضها علينا الحياة والتطور الحضاري ، وبذلك نكون قد وقفنا على حد الشعرة التي تفصل بين التخلي عن المبدأ وتغيير المنهج  في التعامل مع الأمور،  فرؤيتنا للأمور يجب أن تتطور بتطور الزمان والمكان لكن بلا تغيير للثوابت والمسلمات .

فبالمرونة تستقيم حياتنا – بلا إفراط ولا تفريط – ومصداقاً لما سبق تلك الرواية العظيمة للإمام علي عليه السلام : ( لا تكن ليناً  فتعصر ولا تكن قاسياً  فتكسر).

“لا تكن ليناً  فتعصر ولا تكن قاسياً  فتكسر”

فبالمحافظة على المبادئ  والقيم نحقق الاحترام لذواتنا، وبإدراكنا  لما حولنا من متغيرات تكون درجة مرونتنا بما يحقق لنا النجاح في حياتنا ومجتمعنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *