الشباب و مسيرة التغيير والإصلاح

            قد يختلف معي الكثيرون عندما أصف الحراك الشبابي الذي ظهر في الكويت مؤخرا اتسم برهبة وفزع بالقدر ذاته الذي يتصف بالعفوية والاندفاع، إذ لم يعد الوضع السياسي القائم مقبولا بالنسبة إليهم، نظرا النزاعات التي طفت على الساحة السياسية، فرأينا كيف أن الشارع قد أصبح برلمانا لهم ومصدرا لسلطاتهم، وكيف أنهم أخذوا على عاتقهم القيام بدور لم يكونوا مستعدين له استعدادا تاما، فشكلوا اللجان والتكتلات دون تأني أو تبصر لما يمكن أن تصدر من ردود فعل سلبية، رغم أن أهدافهم تركزت على إجراء العديد من الإصلاحات السياسية، فكان على رأس قائمة الأهداف تغيير الحكومة بنظام ونهج جديدين.

لقد جاء توقيت الحراك كما لاحظنا بالتزامن مع انتخابات مجلس الأمة، ورأينا كيف أن مطالبهم قد تلاقت مع أجندات بعض المرشحين، الذين بدورهم باستغلال ذلك الحماس وسرقة الجهود طمعا في الوصول إلى قبة البرلمان، ومن هنا فقد بات جليا للجميع كيف أن اختيار هؤلاء الشباب لممثليهم بمجلس الأمة دل على عدم نضج تلك الفئة، وبعدهم عن العقلانية بسبب اندفاعهم خلف أسماء نواب تميزوا بالصوت والنبرة العالية فقط، دون دراسة لشخصياتهم ومدى توافق اختيارهم مع مصلحة البلد.

لقد أشرت في مقال سابق تناولت به أهم مقومات نجاح الشباب في مسيرتهم السياسية، وأكدت فيه على ضرورة وجود رموز يمثلون القدوة، بالإضافة إلى أهمية وجود أحزاب وتيارات تتبنى طاقة الشباب، وأضيف هنا  أمرا ضروريا آخر، وهو أهمية وجود منهج وإستراتيجية ورؤية ثابتة وواضحة ومحددة، فنحن بأمس الحاجة لتحديد هدفنا وبوصلتنا الأساسية في العمل لتحقيق طموحات الشعب، واسترجاع  الدولة هيبتها وكرامتها، معتبرين المصلحة العامة فوق مصالح الأفراد، وذلك بعد رسم إستراتيجية ونهج جديدين يقوم أساسهما بسواعد شبابنا ضمن حراك مدروس ومنظم، مستظلين بقيادة نزيهة بعيدة عن أي توجهات شخصية.

نتفق جميعا أن على عدم التشكيك بانتماء الشباب وولائهم للوطن، ولكن من واجبكم أيها الشباب أن تحددوا مستقبل وطنكم، وحتى لا تدفع الدولة ثمن إهمالنا لها، ولتهنئوا بالعيش الكريم وسط منهج سامي، كما أن عليكم أن توحيد صفوفكم وتصفية أذهانكم بعيدا عن كل من يحاول بث روح الفرقة بينكم، فالحق بيّن والباطل بيّن، ولدينا كل الثقة بأنكم قادرون على ذلك وأملنا بكم وبمسعاكم كبير لإحداث التغيير المطلوب، فالأهداف السامية لن تتحقق إلا بسواعدكم ، فلا يختلف اثنان بأن أوضاع البلد في خطر، لذا فالكويت تستحق منا الكثير من الاهتمام والتضحية لتستعيد مكانتها بين الدول الرائدة.

إن أملنا معقود عليكم أنتم أيها الشباب الذين تشكلون أغلبية الشعب الكويتي، خاصة وأن الظروف السياسية قد أصبحت مواتية لكم أكثر من أي وقت مضى، حيث تتزامن مع دعوة سمو الأمير الوالد في النطق السامي له بافتتاح الفصل التشريعي 14الرابع عشر لعقد مؤتمر وطني للشباب، لأنكم مبعث الرجاء ومعقد الأمل، وكل ذلك لن يتم إلا بمشاركتكم الإيجابية ودوركم البناء في خدمة المجتمع. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *