القدس عاصمة فلسطين والقدس لنا، القدس أولى القبلتين، عبارات ترعرنا وتربينا وهي ترن في مسامعنا، درس تعلمناه منذ الصغر، لكننا تعلمنا الدرس، تعمق في نفوسنا وفي قلوبنا ونحن نعرف أنها محتلة من قبل كيان غاصب، لم تتسن لنا زيارتها كما لم يتسن لنا نسيانها، فكانت كالابن الغائب نزداد شوقا إليه ويتزايد حبه في قلوبنا كلما طال غيابه، وهذه الحقيقة التي راهن على عدم صحتها البعض أثببتها الشعوب العربية والإسلامية وأكدت صحتها.
ورغم أن الكلام عن القدس يفرض علينا الطابع السياسي من خلال عواطفنا العربية وحسنا القومي، كانت رغبتي أن التحدث عن القدس بعيدا عن الجانب السياسي إلا أنني وجدت ذلك أمرا غاية في الصعوبة، فكيف لنا أن نحدث أبناؤنا وأحفادنا عن القدس وأن نعلمهم الدرس الذي تعلمناه صغارا؟ كيف لنا أن نعلمهم مبادئ السلام والقدس مدينة السلام تتعرض لأبشع مشاهد العنف والاضطهاد وأسوأ صور القمع والإذلال؟هل نخبئ عنهم صور القدس ونخفي عنهم حبنا للقدس في قلوبنا؟ أم نعلمهم أن القدس عروس العروبة وقبلة المسلمين الأولى، كيف سنغرس في قلوبهم مبادئ الحب والسلام وهم يرون على الفضائيات ويسمعون ما يتناقض مع ما نعلمهم.
علينا أن نكون صادقين مع أبنائنا وأن نغرس في نفوسهم بأن القدس عربية وأن لا نتركهم فريسة لأفكار أخرى، فها نحن نشاهد الشعوب العربية والمسلمة والشعوب الحرة تتمسك بمعتقداتها وتخرج رافضة ما يحاول أن يفرضه منطق القوة عليها دون أن تأبه بقوته وسيطرته على العالم، ودون الخشية من المواجهة فسطروا بذلك أسمى آيات الإيمان بما غرس في نفوسهم، مدركين بأن القوة للحق وأصحابه وليس للمدافع والرصاص والنفوذ.
لا نريد لأجيالنا أن تكون مستسلمة لإدارة الظلم وغاصب الحقوق أيا كان صاحب الحق وأيا كان مغتصبه، فعلى الشعوب الحرة أن تقف إلى جانب الحق وأن تدافع عنه، ولا أخال بأن أحدا منا يود أن يكون أبنائه مستسلمين لمن يسلب الحق ويغتصب الحق بمنطق القوة وعنجهية السيطرة.
غرس أجدادنا وآباؤنا في نفوسنا الإدارة الحرة وها نحن نزهو فخورين بما غرسوه من إيمان بالحق وما علينا إذن إلا أن نغرس ما روثناه من إدارة في نفوس أبنائنا وأحفادنا.