أقبل شهر الخير والبركات، أقبل هذا الضيف الكريم الذي تهفو له النفوس وتشتاق إليه القلوب ، شهر الصيام والقيام والقرآن ، شهر النفحات الربانية والمكرمات الإلهية ، شهر التنافس في ميادين الخير وأنواع البر.
رمضان مدرسة تربوية ودورة تدريبية لتقوية الإرادة والصبر والقدرة على التحمل ، وتهذيب النفس البشرية والشعور بالآخر الفقير والمحتاج والمسكين والجائع ، وفرصة للتواصل وصلة الأرحام ، و تدريب النفس على تجنب كل ما يغضب الله سبحانه وتعالى ويؤذي الناس ، وليس مجرد الإمساك عن الطعام والشراب .
إن أعمق المعاني في مفهوم الصيام هو إلزام المرء نفسه على صوم جوارحه عن الأذى والإساءة ، فكما كما قال رسولنا الأكرم صل الله عليه وآله وسلم: “حُسن الخُلق يبلغ بصاحبة درجة الصائم القائم“، فلا قيمة للصوم عن الطعام والشراب مع اقتراف المنكرات وإيذاء الآخرين والتنغيص عليهم ، فمن الواجب الابتعاد عن اللغو في الكلام قلّ أو كثر، وعن نقل الإشاعات وتداولها وكل ما يثير الريبة والقلق بين الناس ، بالإضافة إلى الجدال والنقاش الذي يفضي إلى عواقب وخيمة ، فالأجدر بالمرء أن يحفظ لسانه ويده عن الأذى قبل الشروع في الامتناع عن الأكل والشرب ، فلا بد من ضبط النفس والانشغال بما هو مفيد.
“حُسن الخُلق يبلغ بصاحبة درجة الصائم القائم”
رمضان موسم عظيم لتصفية الذهن والنفس من شوائب المعاصي والشهوات ، و صقل الإيمان وتجديد العهد مع الله لشحذ الهمة لمواصلة السير في درب الطاعة – فممارسة الطاعات لا تقتصر على رمضان وتنتهي بمجرد انتهاء الشهر، بل لابد أن تتسم بطابع الاستمرارية وعدم الانقطاع على مدار الأيام .
فهي فرصة علينا اغتنامها لتصحيح المسار حتى تتحقق الحكمة من الصيام ، فرمضان شهر التغيير ومرحلة تتجدد سنويا في ظل أجواء إيمانية، كما إنها فرصة لنتعلم فيها اخطائنا وتقويم سلوكنا وبداية طريق جديد في الخير والرشاد.