إن صدمة المرأة الكويتية كانت كبيرة والمفاجأة غير المتوقعة من معظم الأوساط النسائية بسبب إلغاء لجنة المرأة في البرلمان، حيث أقر معظم أعضاء مجلس الأمة هذا القرار، فكان أكبر دليل على أن المرأة وهمومها وقضاياها هي آخر اهتماماتهم، ومع العلم بأن الضجة الكبيرة التي أقامتها تلك الأوساط لم تفاجئني أنا شخصيا، بل ما فاجأني وأثار استغرابي حقا هو ردة فعلها، وكأننا فقدنا شيئا جاهدت كثيرا لتحصل عليه، أو وكأن هذه اللجنة قد حلت كل مشاكلنا بما لها من إنجازات لا تعد ولا تحصى!!
لقد كانت المرأة الكويتية تتعذر سابقا بأن تهميش قضاياها وتقاعس القوانين والتشريعات التي تتناول همومها نابع من عدم نيلها لحقوقها السياسة ومشاركتها بالقرار السياسي، ولكن سرعان ما اكتشفنا عكس ذلك، فبعد أن نالت المرأة حقوقها السياسية كاملة ترشحا وانتخابا، وقد حان الوقت لممارستها لهذا الدور رأيناها متباطئة وغير جادة، ولاحظنا بأن دورها لا وجود له إلا لأسابيع قليلة هي فترة الموسم الانتخابي لمجلس الأمة، والسؤال الذي يراود ذهني دائما هو هل المرأة فعلا قادرة على تحمل مسئولية تنمية وأعمار وطنها أم لا؟؟
لقد كان للمرأة الكويتية بصمات واضحة ومتميزة خلال السنوات الأخير في مجالات كثيرة، سواء كان في المجال السياسي أو الإعلامي أو الأكاديمي، حيث كان لرأيها ولقراراتها السديدة دور في حل الكثير من المشكلات العالقة المطروحة لدى الرأي العام، حيث أثبتت جدارتها خلال عملها كونها عميدة لجامعة الكويت، وكذلك عند تقلدها لمنصب وزير لعدد من الدوائر الحكومية، وكذلك لإداراتها الصارمة لبعض أنجح الشركات الاستثمارية المعروفة لدينا، وها هي بقلمها وصوتها الحر في المجالات الإعلامية الصوتية والمرئية تتصدى للكثير من المشكلات الاجتماعية والسياسية، وبشكل خاص في عملها كناشطة اجتماعية وسياسية، وذلك من خلال ترؤسها لبعض جمعيات النفع العام في الكويت.فأين إذن تكمن المشكلة؟؟
لو أمعنا النظر ورجعنا بالتاريخ إلى الوراء لرأينا بأن أساس عدم تقاعس المرأة بالإصرار على المطالبة بحقوقها واستغلال الرجل لها هي العادات والتقاليد التي تربينا عليها، لقد تربينا بأن القوامة للرجل مهما تدنى مستواه العلمي والثقافي، و أن المرأة مهما أرتفع مستواها الفكري والثقافي، إلا إن الرجل هو صاحب القرار والاختيار الصحيح، مما زرع فيها الخوف من مواجهة المجتمع، وعدم الثقة بقدراتها دون اللجوء للرجل، مما ترتب على ذلك استغلال الرجل لها للوصول لمصالحة الشخصية، فمشكلة الثقة بالنفس وقلة الوعي الاجتماعي تحتاج لوقت طويل للتخلص منها، إذ لا يخفى على إي منا بأن مهمة المرأة و مهمة كل من يؤيد قضاياها من الرجال صعبة جدا، وحتى تصل المرأة لما تربو إليه يكمن في إعادة ثقتها بنفسها حتى تستطيع أن تقنع وتعيد ثقة بنات جنسها فيها.
وهذا كله طبعا لا يكون في فترة قصيرة تقتصر على فترة الانتخابات فقط، بل عليها أن تعمل جاهدة، فهي مطالبة بأن تتجه خطاباتها إلى عقول النساء والرجال قبل قلوبهم، وتقنع نفسها بقدرتها على تغيير نظرة المجتمع لها، وأن تسعى إلى تغيير المفاهيم والعادات السائدة وغير الملائمة في وقتنا هذا، وأن تعي أنه لن يحمل همومها وقضاياها داخل قبة البرلمان إلاّ امرأة تحس بها وتقدرها، أو رجل يتعهد بصدق بجعل قضاياها محور رسالته وأهدافه خارج المجلس وداخله، ودعوتي الأخيرة لها أن تدرك أن دخول المجلس هو وسيلة لتحقيق طموحات بنات جنسها وليس غاية في حد ذاته.