الشهداء صانعو الأعياد

تخلد الكويت في هذه الفترة من كل عام ذكرى الأيام التي صنعت من خلالها المجد والتاريخ بالاحتفالات والأعياد الوطنية، ونشهد الكثير من الأنشطة والفعاليات التي تؤكد انتماء الكويتيين لهذه الأرض وولائهم للأسرة الحاكمة، ويشاركنا الأبناء هذه الاحتفالات فرحين بتلك الظاهرة الوطنية، سعداء بمشاهدة أعلام الكويت خفاقة في كل مكان، وتتلون الكويت بألوان العلم الكويتي، وتتورد ملابس الأطفال وأدواتهم المختلفة بلون الوطن.

نشعر بالغبطة، يسكننا الفرح، تغمرنا السعادة ونحن نشهد كل أطياف المجتمع الكويتي في وحدة وطنية غامرة، دعونا نعيش كل أيامنا كهذه الأيام مليئة بالتضامن، مليئة بالمحبة، غزيرة بالألحان والأغاني الوطنية، هذه الحالة من سعادة أبناء الكويت من مختلف الأطياف جديرة بأن نضحي من أجلها، كما ضحى أبناؤنا الذين قدموا أرواحهم فداء للوطن وقدموا لشعب الكويت فرحة خالدة عبر التاريخ، استشهدوا ليصنعوا لنا المجد، افتدوا تلك الفرحة التي نشهدها اليوم على الوجوه بأرواحهم، وهبونا السعادة والفرحة والعز والكرامة، وعززوا إحساسنا بالأمن والقوة والفخر والولاء والانتماء، دفعوا ثمن فرحنا وحاكوا من دمائهم ثوب عزتنا، إنهم بكل بساطة الشهداء، إنهم صانعو هذه الأعياد.

فبراير شهر الأعياد الوطنية، إنه مناسبة لنستذكر من خلاله صانعي هذه الأعياد، حقهم علينا، وواجبنا اتجاههم أن يكون هذا الشهر شهرهم، شهر نجم الوزان ومحمد الشمالي حين وقفا في وجه أبناء عمومتهم من بني كعب في معركة الرقة دفاعنا عن عزتنا وكرامتنا وثمنا لفرحتنا التي نعيش، شهر محمود قبازرد وأسرار قبندي وكل شهداء الغزو العراقي، شهر شهداء بيت القرين، شهر شهداء المسجد الصادق، شهر أفراد الأمن الأبطال الذين قضوا لتوفير الأمن والأمان، شهر أبناء الكويت الذين قضوا وهم يقومون بواجبهم وغيرهم الكثير.

نعم لقد ذكرناهم وخلدنا ذكراهم، لكننا وإن كتبنا أسمائهم بحروف من ذهب لم نوف كل هؤلاء ثمن الفرحة التي صنعوها لنا، والسعادة التي تغمرنا، وثوب العز الذي نرتدي في كل عام، فلا أقل نورث ما صنعوه من مجد لأبنائهم، ولا أقل من تقديم كافة أشكال العون والمحبة والتقدير إيفاء وإقرارا بفضل آبائهم الشهداء، وامتثالا للواجب الوطني.

لتكن هذه الأعياد وما تحملها من سعادة وفرح رسالة إلى الأجيال القادمة، لنغرسها في نفوس صغارنا حبا وعزة وكبرياء وشموخ، ولنضع خطاهم على درب الأجداد والآباء مكبرين في نفوسهم تلك التضحيات التي أنبتت لنا فرحا وكرامة، لتكن رسالة مفادها التماسك والتكاتف والمحبة والوحدة، ولتكن رمزا لولاء الشهداء وانتمائهم لأرض الكويت وترابها الغالي.

إنها الرسالة التربوية والاجتماعية التي تقع على أعناقنا جميعا، تلك مسئولية على الأسرة ودورها في غرس حب الوطن في نفوس الصغار، ومؤسسات التعليم وما تضمنه في المناهج ووسائل الإعلام بأنواعها ما تقدمه من برامج، ودور العبادة ودورها في بث روح التآلف والمحبة.

نفرح ونسعد ونحتفل، فلا أقل من الاعتراف والامتنان لأصحاب المجد الذين صنعوا هذه الأعياد بدمائهم، لا أقل من أن يكون شهر فبراير شهر الشهداء، إنه أقل ما يمكننا أن نقدمه لذكراهم، خاطوا لنا ثوب العز والكرامة والمجد عمرا، أفلا نستذكرهم شهرا؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *