muslim-couple-and-sunset
  • ـ الخطوبة بين الشرع والعادات .
  • ـ نار الخطوبة خير من صدمة بعد الزواج !
  • ـ هل نقبل الحبيب .. أم الخطيب ؟!
  • ـ إحصائيات مخيفة للطلاق بسبب قلة وعي المتزوجين حديثا .
  • ـ 93% من الشباب الكويتي يرفض اختيار الوالدين لزوجة المستقبل .
  • ـ فترة الخطوبة حقل ألغام قد ينسف الأحلام أحيانا !!!!

تشكو مجتمعات الخليج العربي الكثير من المشاكل الزوجية، خاصة تلك التي تنتهي إلى الطلاق، فالإحصائيات الرسمية تشير إلى أرقام مخيفة، حيث بلغت نسبتها 30% بمنطقة الخليج عموما، وإلى نسبة 36.5% في الكويت على وجه الخصوص، وفقا للإحصائيات الصادرة من وزارة العدل بدولة الكويت عام 2005.

ولا شك بأن تلك الإحصائيات تحمل جملة من المؤشرات المخيفة، إذ توضح أن معظم حالات الطلاق تقع في السنوات الأولى من الزواج، التي بلغت نسبتها 28.3 %  في عام 2005 لفترة زواج أقل من سنة واحدة فقط، الأمر الذي يلح علينا بضرورة تأهيل المقبلين على دخول هذا المعترك نفسيا وعلميا، واطلاعهم على ماهية الزواج الذي يقوم على المشاركة والحد من بعض الحريات الشخصية.

ولعل أهم مرحلة في حياة الزوجية وأخطرها على الإطلاق هي مرحلة الخطوبة، إذ تكون فرصة لمزيد من التعارف والتفاهم واستكشاف الأخلاق والطباع، وهي الوسيلة الوحيدة التي تسمح لكل من الطرفين بأن يتجاوز دائرة التصور الخيالي متجها نحو دائرة التجربة الواقعية، خاصة وأن المتابع للحالة التي  يعيشها الشباب في هذه الأيام يقف حائرا أمام واقع يظهر بأن الشباب يواجهون مشكلة حقيقية، فهم بين مطرقتي الحدود الاجتماعية والشرعية وسندان العاطفة المتأججة. غير أن مرحلة الخطوبة مهما بلغت قسوتها تبقى أقل قسوة من الصدمة التي قد يتعرض إليها أحد الطرفين أو كلاهما بعد الزواج.

إن الخطوبة وقبل كل شيء هي وعد بالزواج، وتشكل فرصة شرعية لدراسة شخصية كل طرف واختبار مدى ارتياحه للآخر، في إطار الأسرة ووسط الناس حتى يصلا إلى قرار الزواج من دون مشاكل أو خروج عن آداب الإسلام، فإذا كان ذلك ضمن إطار شرعي ومتين كان ذلك  ضمانا لنجاح الخطوبة، حيث يتم التوفيق بين المحاذير الشرعية وبين خلق جو من الاستقرار النفسي لتهيئة المقبلين أو من لديهم نية الزواج للسير قدما في خطواتهم نحو بناء حياة زوجية مستقرة.      

ولما كانت الخطوبة قبل الزواج مدخلا لتحقيق الانسجام بين الطرفين ، ونظرا لأهمية هذه القضية الحساسة، فقد بادرت حياء بإجراء هذا التحقيق لتسليط الضوء على تلك الفترة من حياة المقبلين على الزواج، وفهم الرأي المشجع والمعارض لها ومعرفة محاذيرها وضوابطها الشرعية والاجتماعية، وحرصا منها على المساهمة في التقليل من ظاهرة الطلاق التي انتشرت كما النار في الهشيم، وباتت تهدد بدمار الكثير من الأسر الكويتية وما زالت تعاني من تداعياتها.

ومن فضائل ديننا الحنيف وجماله أنه جعل الزواج يتم على مراحل ثلاث، الخطوبة فعقد القران وصولا إلى الزفاف وانتقال إلى حياة جديدة للطرفين. يقول نبينا الكريم( صلى الله عليه وآله وسلم ) ” إذا خطب أحدكم المرأة، فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل ، فإن ذلك أحرى إلى أن يؤدم بينكما ” وإيفاء لهذا الموضوع حقه قبل الحكم النهائي عليه من قبل قراءنا الأعزاء. تحرينا الجانب الفقهي والشرعي فيه، وفي حديث رسولنا  “صلى الله عليه آله وسلم  ” إنما المرأة قلادة فانظر ما تتقلد ” ويقول الإمام الصادق ( عليه السلام ) ”  إذا أراد أحدكم أن يتزوج فليسأل عن شعرها كما يسأل عن وجهها، فإن الشعر أحد الجمالين “.

ويقول الشيخ سيد مصطفى الزلزلة ( رجل دين من الكويت ) إنه يحل للخاطب أن يجلس مع الخطيبة في وجود محرم ويتكلم معها في حدود ما يسمح به العرف المنضبط في الشريعة كونها ما زالت أجنبية عنه، وأن يكون ذلك في إطار الأسرة ووسط الناس حتى يصلا إلى قرار الزواج. 

أما الشيخ هشام عبد الحي ( مراقب شرعي من مصر ) فهو يؤيد فترة الخطوبة قبل الزواج، ولكنه يؤكد على عدم جواز أن تكون هناك خلوة محرمة، وأن لا يتم تبادل الكلمات التي تثير العواطف وتحرك الشهوات، ويجب أن يكون كل ما ذكر سابقا ضمن النية بقصد الزواج. وهذا الإطار هو الذي يضمن نجاح الخطوبة، خاصة بعد أن تبين أن نحو 25 % من حالات الفسخ تحدث بسبب أخطاء الطرفين، أو تساهل الفتاة وهروب الشاب بحجة أن من نال مأربه منها لا تصلح للزواج، وتصبح بذلك فترة الخطوبة حقل ألغام قد ينسف الأحلام !!!

وتقول الدكتورة فوزية الدريع إن المراقبة اللصيقة تحدث إحراجا للسائل والمجيب، ولذلك فهي تحبذ المراقبة عن بعد التي تتيح الفرصة أمام البنت والولد بطرح الأسئلة والنقاش.

والمراقبة المقصودة هنا هي التي تنسجم مع تقاليدنا الخليجية المحافظة، أي أن يكون لقاء الخطبين في حضور الأهل وسط جو أسرى مريح، أو في الأماكن العامة، ليتم التباحث في مختلف الأمور التي يرى الطرفان أنها ضرورية لهما، مما يشكل أرضية مناسبة تتضح من خلالها ملامح ما ستكون عليه حياتهما الزوجية.

كما تناولت الدريع تأثير العلاقة الخطبين خلال تلك الفترة، خاصة من حيث كشف مصداقية كل طرف مع الآخر ومستوى الآراء المطروحة للنقاش، و دعت كل فتاة أن تدرس الرجل الذي تريد الارتباط معه، وكذلك تدرس نفسها و سبب اختيارها له، أي تجعل نفسها أمام نفسها واضح، ولأن التغيير سنة الحياة، فإن كثير من الزيجات ـ تقول د. فوزية ـ قامت على تفاهم بين الطرفين أو إحساس بالتفاهم، وتم الزواج وربما سار رائعا لسنوات، لكن الأمر لم يبق على الحال ذاتها، إذ وجد أحدهما أو كلاهما  بعد فترة أن هذا الآخر ليس هو من يتفاهم معه في هذه المرحلة من حياته، وهذا برأيها نتيجة عدم وعي ونضوج كافيين منذ بداية ارتباطهما.

ويشير الدكتور أحمد سامح (أستاذ علم النفس بجامعة الإسكندرية) في صحيفة الأهرام المصرية أنه من الأفضل أن تكون هناك فترة لا تقل عن شهر لكي يتعرفا على بعضهما ويختبرا سلوك الآخر لأنها فترة اختبار، فإما أن يكتشف أحدهما بأنه لا يتناسب مع الآخر أو العكس. إلا أن طول فترة الخطوبة أو قصرها ـ كما يقول الدكتور سامح ـ  تؤدي إلى تأثير كبير تجاه العلاقات الزوجية، ولكن الأمور تكون نسبية ومختلفة ما بين شخص وآخر .

أما د. ريمون حمدان (أخصائي العلاج النفسي والمشاكل الزوجية والأسرية) فيقول بأنه لا يستطيع أحد أن يحدد مدى حدود المعرفة الكافية المطلوبة في فترة ما قبل الزواج، كما يأخذ بما قال به علماء السلوك الإنساني الذي يثبت أن فترة الخطوبة ذات خمسة مراحل تبدأ من التعارف المبدئي وتنتهي إلى التقارب والارتباط العاطفي والنفسي والقبول بالطرف الآخر. .

وفي استطلاع للرأي أجرته حياء مع شريحة مختارة مع المعنيين بالأمر، كانت هذه الآراء:

فيرى (م .ب )، وهو أحد الآباء، بأن ظاهرة طلب التعارف قبل الزواج ما هي إلا (دلع شبابي )، وهي ظاهرة انحراف بحتة، ويستدل على ذلك بأن حدوث حالة طلاق واحدة كانت كفيلة بأن تصبح حديثا للناس، نظرا لقلة تلك الحالات وندرتها في المجتمع. ويبرر وجهة النظر المتحفظة أو المعارضة لذلك أنها لا تتناسب مع العادات والتقاليد، خاصة إذا طالت المدة مما يؤدى إلى الإساءة لسمعة الفتاة في هذا المجتمع المحافظ، حيث لا تنفك الألسن عن التعرض لسيرتها. لكن وجهة النظر تلك لا تتفق مع رأي الأغلبية، حيث ثبت وفقا للاستطلاع الذي أجرته جريدة القبس المنشور بعددها رقم ( 11999 )، الصادر بتاريخ 29/10/2006 مع شريحة من الشباب الكويتي، فقد أشار إلى أن نتيجة 93% ترفض اختيار الوالدين للزوجة دون نظر الشاب إليها أو معرفة بها، واعتبروه ( خطا احمرا )، فيما يؤيد 73 % لفكرة الالتقاء بالفتاة قبل الزواج.

وتقول ( س . ع )، وهي إحدى الأمهات : أن هذه العادات والتقاليد لا تمت بصلة إلى ديننا الحنيف، لأنها تندرج تحت جهل الأهل في الماضي وامتداد الحاضر، ودعت  جميع الأهالي الذين يتقيدون بهذه العادات والتقاليد إلى ترك حق الحرية لأبنائهم في اختيار زوجاتهم.

وتتفق معها بالرأي الأم ( ل. ج )، وتقول بأن أماكن العمل والجامعات التي تجمع الشباب والفتيات هي مكان ملائم للتعارف بقصد الزواج، خاصة في ظل الاحتكاك شبه اليومي الذي يسهل معرفة طباع الطرف الآخر وسلوكياته، ويذهب ( س . س ) إلى القول بأن الالتقاء بالفتاة قبل الزواج ليس من حق الرجل فقط، بل أن الفتاة تشاطره هذا الحق.

وتقول ج. أ ( خطيبة حاليا ) بأن طول فترة الخطوبة أو قصرها يجب أن تترك لكلا الطرفين وبحدود المعقول، وهي تفضل أن  تكون هناك فترة لا تقل عن شهر واحد، فهذه فترة امتحان واختبار للاختيار، وتعتمد على مدى تقبل كل طرف للآخر نفسيا وعقليا، وتكشف درجة الانسجام والتوافق بينهما.

أما الفتاة ( ج .ع )، فقد قالت بأنها كانت قد مرت بتجربة التعارف عبر الهاتف وبمعرفة والدتها، وذلك بغرض التعارف بنية الزواج، حتى اكتشفت بأن هذا الخطيب المحتمل غير ملائم لها إطلاقا. وتؤيدها في خطوتها تلك والدتها ( غ.ح ) التي تحبذ أن يكون التعارف خلال الخطوبة بالجلوس سويا وفي إطار أسرى كامل ولمدة زمنية كافية ومعقولة، حيث كانت فحوى مكالمات ابنتها الهاتفية معه محل متابعة منها، خوفا عليها من الاستغلال السيئ للعلاقة،  في ظل تفهم تام من ابنتها. 

وفي مثل هذا السياق ‘ فإن الأسر الخليجية عامة، والكويتية خاصة مدعوة إلى تسهيل الأمور من حيث رؤية الخطيبين لبعضهما وجلوسهما معا لتبادل الحديث، فقد يميل أو لا يميل أحدهم للآخر، وكلما زادت الجلسات بينهما كلما زادت فرصة تأقلم وتجانس وتقبل الطرفين لبعضهما البعض، خاصة بعد أن أطلت علينا المفاهيم المستحدثة أو ما يعرف بعولمة الحياة،  فقد اختلفت الكثير من العادات والتقاليد باختلاف الناس، لكن بعضها يبقى مستمرا، يتمسك به الأهل ويرفضه الأبناء، ومنها  قضية رؤية الشاب للفتاة قبل الزواج، فقد يتزوج الشاب من الفتاة في زمننا الحالي دون أن يكون قد نظر إليها قط، وذلك بسبب تعنت الأهل وأخذهم بهذه المفاهيم والتي ينظرون إليها من باب الحشمة والتمسك بالدين، مع أن الدين لم يوصي بذلك، وما زال الشباب يرفضون هذا المنطق رفضا قاطعا، لأنهم يرون أنهم الأحق باختيار زوجاتهم، خاصة وأن الشريعة قد أباحت لهم ذلك، ويجاهدون في سبيل تحقيق هذا الحق، بل ويتبعون كافة السبل الظاهرة والمخفية من أجله. حتى وصلنا إلى حالة غريبة جدا، حيث بتنا نقبل الحبيب ولا نقبل الخطيب! فأية حالة تلك التي وصلنا إليها نتيجة التعنت والجهل؟ ونظرا لخطورة الحالة وتأثيرها على كثير من كيانات الأسر الكويتية، فقد أخذنا على عاتقنا في حياء أن ندق ناقوس الخطر عبر تحقيقنا هذا بالعمل على الحد من استفحال هذه المشكلة، التي أصبحت تقض المضاجع، لنساهم ولو بالجزء اليسير في الحفاظ على كثير من الأسر من الضياع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *