التغيير مطلوب

يظن البعض منا بأن التغيير قد يجلب الخسائر، ويظن البعض الآخر بأنه سوف يؤدي لعدم الاستقرار، لذلك فإن الكثير يخشى من التغيير ويحاول إبقاء الحال على ما هو عليه، وربما يكون السبب في ذلك لأن التعامل مع أي شيء ثابت أكثر سهولة من التعامل مع المتغير، أو ربما يكون أخذا القول المأثور” اللي تعرفه أحسن من اللي ما تعرفه” فيطلق الكثير منا حكمه دون تجربة أو دراية.

إن التغيير بحد ذاته لمجرد التغيير أمر بعيد عن المنطق، فالتغيير الطبيعي لا يأتي اعتباطا، إذ لا بد من أن يكون نتيجة تجربة جلبت لنا خسائر مادية أو حتى معنوية أو نفسية، فتعلمنا من تلك التجربة، وأردنا أن نغير لنحقق هدفا أو نصل إلى غاية يصعب الوصول إليها دون تغيير.

” تألمت.. فتعلمت.. فتغيرت”، إنها معادلة طبيعية لكنها ليست بسهولة قولها، فهي مشروطة بتوفر الأسباب واتخاذ الأساليب المناسبة سعيا للوصول إلى هدف واضح، ودون الوقوع في خسائر إضافية.

ومع أن كل ما تقدم من حديث يمكن أن يندرج على الكثير من أمور الحياة، لكنني هنا أود أن أحصر الحديث في الانتخابات البرلمانية، ومع أهمية كونها على الأبواب، إلا أنني أتحدث هنا عن الانتخابات بشكل عام.

لقد اعتدنا فيما سبق على انتخاب بعض النواب الذين أصبحوا علامة دامغة في المجلس، ولم نواجه في كثير من الأحيان أنفسنا، ولم نتساءل عما قدموه للمجتمع أثناء تواجدهم لعدة دورات تحت القبة، وربما بعضنا يظن أن نجاح النائب الذي انتخبه انتصارا أو إنجازا في سجله الذاتي، وهذه نظرة ساذجة، فالهدف من المشاركة في الانتخابات هو إيصال من يستحق الوصول لتمثيل الشعب من خلال عمله على تحقيق مصالح الشعب.

لقد جربنا الكثير من الأسماء وحجبنا أصواتنا عن الكثير أيضا، وأتحنا الفرصة تلو الفرصة للبعض دون أن يكون لهم إنجازا يذكر، لمجرد أنهم يمتلكون نبرة عالية ونهجا معارضا، أو اخترنا بعضا آخرا فوجدناهم صُم بُكم عُم رغم ما أطلقوه في حملاتهم الانتخابية من وعود وشعارات قبيل الانتخابات، فإلى متى سوف نظل نحكم على الناس بما يقولون ولا ننظر لما يفعلون؟

وفي جانب آخر حرمنا البعض الآخر فرصته لإثبات قدرته على تمثيل الشعب، لأنه وجه جديد، مقنعين أنفسنا بأنه لا يمتلك الخبرة في شئون المجلس، ولن يستطيع تمثيل الشعب.

إن الحكم على نائب الأمة يجب أن يكون على ما يفعل دون النظر لما يقول، فالتجربة فرزت لنا البعض ممن يقولون الكثير ولا يفعلون حتى القليل، ولعل النظر لما وصلنا إليه من حال خير دليل صحة كلامنا.

لقد عاني الشعب الكويتي وحصد الكثير من الخسائر، وإذا ما أراد الأفضل الحال فهو مطالب بالتغيير، فطريقة الأهواء في الانتخاب لن تجد نفعا، لذلك نحن مطالبون بإيصال الأجدر، ولا ضير أن نتيح الفرصة لوجوه جديدة، لأن عدم محاسبة النائب عما قدمه جعلت من البعض ماركة مسجلة، وجعلناهم يشعرون بأن مقاعدهم محجوزة لمجرد تسجيل أسمائهم في لائحة الترشح، وكأن الشعب لا يحس بالألم مع كل ما تعرضنا له من خسائر.

من واجب الشعب تقييم تجارب النواب ومحاسبتهم عليها، إذا كانت تجاربهم إيجابية نعيدهم بأصواتنا إلى المجلس، وإذا كانت سلبية نحرمهم من الوصول، وهذه الطريقة التي تشعرهم بأهمية تمثيل الشعب، وتجعلهم يبحثون عن رضا الشعب ويعملون على تحقيق مصالحه. إن التغير تجربة سواء كانت رغبة آنية لها دوافعها أو كانت سياسة عامة، فهي تجربة تفرز لنا الكثير من الأمور الإيجابية والسلبية، فإذا كانت النتائج إيجابية فهذا حسن، وإذا كانت سلبية فهي خير أيضا لأنها توفر لنا الخبرة في كيفية التعامل مع الأمور لاحقا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *