تعتبر دولة الكويت الدولة الخليجية الأكثرتفاعلاً في النهضة النسائية ، حسب الدراسة المعدة من قبل مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية ، فقد تأسست أول جمعية نسائية «جمعية النهضة النسائية» عام 1962، وجاء ذلك في ضوء التطور الذي لحق بوضع المرأة الخليجية من حيث التعليم و العمل و المشاركة المجتمعية والأعمال التطوعية إلى أن تم إشهار الاتحاد الكويتي للجمعيات النسائية الكويتية عام 1994 .
وقد عملت تلك الجمعيات على النهوض بالمرأة عن طريق نشر الوعي الثقافي والصحي والاجتماعي بين الأسر في المجتمع ، وادماج المرأة في التنمية الشاملة وكثير من مجالات العمل للقضاء على الأميّة ومظاهر الجهل والتخلف بين فئات النساء من خلال مساهمة المرأة في مؤسسات المجتمع المدني والاهتمام بالطفولة والأمومة والعمل الخيري .
فللمرأة الكويتية أكبر الأثر في بناء نهضة الوطن ، كانت المرأة ولا تزال في طليعة المساهمين في تقدم وتنمية المجتمع ، فقد أصبحت عنصراً مشاركاً وفاعلا بمختلف المجالات ونذكر على سبيل المثال لا الحصر:
فهي من قامت وتقوم بعمل المشاريع الاستثمارية التي نهضت بالاقتصاد فقد ضمت قائمة 100 أقوى سيدة عربية أسماء 10 سيدات كويتيات لعام 2017 أولاهن في الترتيب شيخة البحر ، وقد فازت سيدة الأعمال منتهى العجيل بجائزة العالم لقيادة الأعمال 2016 ، وسارة أكبر صاحبة لقب قائدة الطاقة لكونها أول سيدة في الشرق الأوسط تقود شركة نفطية.
أما في النواحي الفنية والأدبية فهي الشاعرة المرهفة الإحساس سعاد الصباح أحد أبرز الوجوه الثقافية في الكويت ، والفنانة التشكيلية المبدعة ثريا البقصمي ، وهي المعلمة التي تنشئ جيلا جديدا يكون قطار تنمية لتنمية طاقات أبنائه د. منال بو حميد أول كويتية تحصل على جائزة الشيخ خليفة بن زايد التربوية ، والمساعدة لذوي الاحتياجات الخاصة شيخة الماجد الحاصلة على براءة اختراع قلم المكفوفين ، حتى في النواحي الطبية فقد تقدمت بالعلوم إلى أفق جديد فهي كمثيلاتها في كثير من الدول المتقدمة فنالت ليلى الوزان براءة اختراع عن الجهاز الطبي الذي يوفر هواء للرئتين عند التخدير ، وكذلك في مجال الأعمال التطوعية بيبي الأيوب صاحبة الحملات الخيرية والإنسانية ، والمحامية ديما الوقيان التي كرمت في حفل تكريم المبدعات الكويتيات ، وغيرهن كثيرات ولا مجال للإسهاب هنا ، فالمرأة شخصية مؤثرة في مجتمعها في كافة نواحيه .
ما أهم إنجازات ومكتسبات المرأة في الفترة الماضية والحالية ؟
كانت المرأة الكويتية في طليعة الطالبات اللاتي حرصن على التزود بالعلم في حين كانت النظرة للتعليم للمرأة في تلك الفترة السابقة قاصرة على مستوى الدول العربية ، فكانت غنيمة المرزوق من الرائدات في تحصيل العلم في المدارس النظامية في الكويت ثم إكمال دراستها الجامعية في مصر وهي والعديد من الطالبات الكويتيات .
ومع مرور السنوات حصدت المرأة على مدار كفاحها في تحصيل الكثير من الحقوق الاجتماعية والسياسية ومنها : السماح للنساء بقيادة السيارة و التوسع في تعيين المرأة في العمل في قطاعات وتخصصات متعددة و تسلمها رئاسة عدد من الهيئات والمؤسسات الحكومية والخاصة ، فهناك 9 وزيرات في تاريخ الكويت قدن مسيرة الاقتصاد والتعليم والتخطيط والتنمية .
وتوج ذلك بحصولها على حقها السياسي بإعطاء المرأة الحق في الانتخاب و الترشح لمجلس الأمة ودخول 4 نساء البرلمان الكويتي للمرة الأولى في 2009 : معصومة المبارك ، رولا دشتي ، أسيل العوضي ، سلوى الجسار .
وعلى المستوى العربي حققت المرأة العربية العديد من الانجازات عبر مشوار نضالها الطويل فأصبح لها مشاركة أقوى في الحياة السياسية، وحصدت جوائز دولية في مجالات عدة، وهذا إضافة إلى دخول 3 نساء من الأصول العربية في الكونغرس ( رشيدة طليب وإلهان عمر ودونا شالالا ) ، هذا وستظل المرأة تسعى إلى أن تحصل على كافة حقوقها وما تريد .
ما مدى مساهمة المرأة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية وبناء المجتمع ؟
المرأة نصف المجتمع فهي الأم والأخت والزوجة وهي مفتاح نجاح وفشل الأسرة التي هي الوحدة الأساسية للمجتمع ، و هي أساس بناء الحضارات عبر التاريخ، فكان لها أعظم الأثر والمكانة فهي المحرك للكثير من الأحداث والتطورات التاريخية العظمى ، فحظيت المرأة في الحضارة الفرعونية بأعلى مكانة اجتماعية ودرجات التقدير والاحترام باعتبارها الشريك الوحيد للرجل في حياته الدينية والدنيوية ، حيث سميت الآلهة باسمها كايزيس وماعت وحتحور وقد تولت الملك مثل حتب أم الملك خوفو وخنت ابنة الفرعون منقرع ، كذلك في العصر الإسلامي وتأثيرها في نشر كلمة الحق وإعلاء راية الدين، فزوجات الرسول والصحابيات وابنة الرسول صل الله عليه وآله وصحبة وسلم السيدة فاطمة الزهراء وابنتها الزكية السيدة زينب الكبرى ، هن مشاعل النور في الظلمات .
وفي العصر الحديث قدمت المرأة على مر الأعوام العديد من الاكتشافات مما يثبت إمكانية المرأة على الإبداع و القدرة على النجاح و تحقيق ما ترغب في الوصول إليه .
السترات الوقائية من الرصاص للباحثة .. و من أهم الإنجازات التي قدمتها ستيفاني ، والعالمة والباحثة هايدي لامار التي طورت نظام الاتصالات الواي فاي ، وقد حازت جيرترود على جائزة نوبل في الطب لعلاج اللوكيميا وزرع الأعضاء، و الباحثة ايدث فلانجن في مجال النفط و التي سجلت أكثر من 102 براعة اختراع في مجال تنقية النفط والمواد الكيميائية من العوالق، وغير ذلك من مجالات الأدوية والأعشاب ، فنجد بصمات المرأة موجودة في كل ناحية من نواحي بناء المجتمع العلمية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية أيضاً .
ما أهم التحديات التي ما زالت تواجه المرأة ؟ وكيف يتم التغلب عليها ؟
ما زلنا في مجتمع تغلب عليه الذكورية رغم كل ما حصلت عليه المرأة من المستحقات والمكتسبات إلا أنها ما زالت تواجه الكثير من التحديات، فأمام المرأة معركة طويلة الأمد حتى تظفر بحقوقها كاملة وتمارسها على أكمل وجه ، حقيقة كشفتها أرقام ونسب رصدتها جهات دولية ومنظمات حقوقية ونسوية توصلت إلى أن تلك الحقوق لا تزال رهينة حكومات تستثمرها إما لتجميل صورتها أو لثقافة تقليدية ترى في تحرر المرأة ضرر يفوق المنافع المرجوة منها.
تذكر التقارير أن 18 بلدا عربيا وقع على اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة إلا أنه مستمر في أغلب الدول العربية حيث جرائم الشرف والعنف الأسري وسوء المعاملة ، ولا يزال المجتمع يفرض عليها القيود الاجتماعية والعادات والتقاليد.
أما في الجانب السياسي فتبقى المرأة العربية وفق تلك المؤشرات غائبة عن مراكز صنع القرار، وإن حق لها الترشح والانتخاب فهي بعيدة عن المشاركة الحقيقة في الحياة السياسية .
ومن الجانب العملي رغم نص منظمة العمل العربية على ضرورة المساواة الكاملة بين العامل والعاملة إلا أن ذلك لم يتوفر بعد للمرأة .
بالإضافة إلى كل تلك التحديات تحدي نظرة المرأة لنفسها لأن المرأة إذا اقتنعت بأنها إنسان كامل الأهلية في المجتمع واقتنعت بدورها سوف تعمل على أن تحافظ على مكتسباتها وستزيد من مكتسباتها ، علماً بأن المرأة عندما لا تقدر نفسها ولا تقدر دورها المجتمعي فهذا يمثل معوقا أساسيا، حتى لو كان هناك قوانين تنصف المرأة، فنظرة المرأة لذاتها هي تنجح و تفشل القوانين و إمكانية التطبيق الصحيح لها .
وللتغلب على ما سبق ذكره لابد من التوعية بحجم ومكانة المرأة فلا مجتمع بدونها ولا تقدم من غيرها، ولابد من إصدار التشريعات القادرة على تغيير البيئة والثقافة والاتجاهات نحو المرأة، وهنا لا بد من نشر مبدأ التمييز الايجابي فلا بد أن تعطى الأفضلية للمنصب والعمل لا للذكورية من أجلها فقط.
ما طموحاتكم المستقبلية للمرأة ؟
لو تم سؤال أحد من الرجال هذا السؤال لأجاب :
ماذا تردن أكثر مما لديكن من حقوق؟ وزيرات، برلمانيات وعميدات كليات وسفيرات ، ماذا تريد المرأة أكثر من ذلك؟
نعم المرأة تريد المساواة في الحقوق و الكفاءة مع الرجل ، و تكافؤ الفرص بين الرجال والنساء ، لأن المرأة عندما يتم تعيينها في منصب وزاري ربما لشكل ديكور أو هيئة حضارية، نحن لا نريد هذا نريد أن تعين المرأة لكفاءتها وأن تزداد أعداد النساء ، فالنسبة التي حددتها الأمم المتحدة لمشاركة المرأة في المناصب القيادية 30%، إذاً نطمح أن تكون المرأة على قدم المساواة مع الرجل في الحقوق والكفاءة فتكون لها نفس الحظوظ في الترشح و الحصول على المناصب القيادية وفرص التعليم العليا والمنح الدراسية الخارجية ، ومن ناحية العمل أن تعطى الأجور المتساوية بين الرجل والمرأة فما زالت بعض الشركات الكبرى لا تفعل ذلك ، هذا ولابد من إيجاد تشريعات قوية تحميها من العنف الأسري ومن أنواع الانتهاكات والتحرش والاغتصاب .
وخلاصة القول أن المرأة لا تقل في الذكاء والإنتاج عن الرجل ، بل هي بحاجة للحصول على الفرص الكافية التي تضعها في المكان المناسب .