عندما تمر بنا الخواطر فإنها تمر بلا مقدمات كالسحاب، بينما يظل بعضها الآخر محل اهتمام وتأثير بالنفس، ولأن القلم أحيانا أكثر تعبيرا من اللسان فقد فضلت أن أكتب خاطرتي هذه بكـل تجرد لما قد يعجز لساني عن التعبير به، خصوصا لأنها تتناول شخصية مثل شخصية السيد عبد الوهاب الوزان، والتي تعاملت معها عن قرب وبشكل يومي وقرأتها فرأيتها جديرة أن يكتب عنها.

أنني أسطر هذه الكلمات بحق هذه الشخصية الرائعة التي قد يظن البعض بأني أكتبها تزلفا أو مجاملة، لكنني في الحقيقة أكتبها من خلال واقع تلمسته عن قرب، وساهمت شخصيته بصقل فكري وإثراء خبراتي العملية.

لقد لمست عشقه لتراب هذا الوطن، حيث برز حسه الوطني بجلاء خلال محنة الغزو العراقي الغاشم فبذل العطاء لأجل وطنه وإخوانه الصامدين دون منة، فكان نِعم المواطن الغيور على أرضه وشعبه، ناهيك عن مفهوم الإنسانية وبين رجاحة الفكر والعقل بكل معانيها السامية، فأوجد عالما من الحكمة والبصيرة، فحفلت حياته بالعمل الدءوب والعطاء والكفاح والتضحية خلال مشوار طويل كرجل أعمال طموح ورجل دولة أنيطت إليه مسئوليات جسام، فخلف من وراءه بصمات النجاح، وتعايش مع كبار رجالات السوق فظهرت خبرته وحنكته الاقتصادية والتجارية، وظهر ذلك جليا في نظرته الثاقبة للأمور من خلال توليه وزارة التجارة والصناعة ووزارة الشئون الاجتماعية والعمل.

ولعل الذي كان فوق كل التوقعات والنجاحات هو ما سعى إلى تحقيقه لبنك الكويت الدولــي (البنك العقاري الكويتي سابقا) للتحول للعمل من النظام التقليدي إلى العمل وفقا للنظام الإسلامي، فرأيته عن كثب كيف سعى وبكل حكمة واقتدار ـ من خلال ترأسه لفريق عمل التحول ـ لتحقيق هذا الانجاز الفريد، حتى تحقق ذلك بتوفيق الله وببركته، حيث اعتبر هذا الحدث نقلة حضارية ونادرة الحدوث في عالم المال، فكان مثالا للقائد الناجح ذلل جميع العقبات والصعوبات، وساعد جميع العاملين في البنك الصغير منهم قبل الكبير، فعمل معهم يدا بيد وبتواضع خجل منه الجميع، فأكتسب كل من عمل معه الصدق والوفاء وحب الآخر والإخلاص في العمل والأداء بعزيمة وتفان فأصبحوا يعملون دون كلل ليل نهار. 

وأجد علي حق أن أسجل إعجابي بعزيمة هذا الرجل التي لا تلين وإرادته الفذة في الصمود والتحدي، فاليأس لم يعرف طريقا إلى نفسه، ففي كل عمل تولاه مهما كانت مشاكله أو متاعبه أو عقباته نجده أهلا له، ومخلصا لعمله ووطنه إلى أبعد الحدود وفي إيثار عجيب وعطاء فريد. لا يسعني بالنهاية إلا أن أقول عذرا (أبا محمد) فأنت تستحق أكثر مما كتبته عنك ولكن اسمح لي أن أحتفظ بالأكثر، أطال الله في عمرك وجعلك ذخرا لهذا الوطن الغالي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *