رأفة بالكويت

لا يختلف اثنان من أهل الكويت على أن ما يحدث حاليا على الساحة السياسية الكويتية من إساءة للكويت، وطعنات في مواقع مختلفة من جسدها يعد دلالة أكيدة على انحراف المسار الديموقراطي وتغيير الاتجاه من حب الكويت إلى حب للذات ومصلحتها الشخصية، دون اعتبار للكويت ولمستقبلها ولأجيالها القادمة، فالمواطن بات يفتقد المصداقية للحكومة والمجلس ولا يدري ما هو الصواب وأين هي الحقيقة.  فبعد أن كانت مهمة عضو مجلس الأمة التي أوكلها إياها ناخبه مهمة سامية ونبيلة، قام البعض منهم بتحويلها إلي مهمة رخيصة من خلال محاولة البعض منهم  التمصلح والتكسب علي حساب تنمية الدولة، خلافا لبرامجهم الانتخابية التي وعدونا بها.

وبعد أن كان من المفترض أن تركز أجندات النواب على قضايا الإسكان والكهرباء والبطالة والتعليم وأمور التنمية عموما، أصبحت أولوياتهم هي أمور هامشية، والتي كان آخرها متابعة دخول وافد مقيم إلى الكويت ومتابعة خروجه منها.

إن كثرة النزاعات ومظاهر التأزيم دفعتنا بدلا من الدفاع عن الديموقراطية ومطالبتنا بتفعيلها إلى المطالبة بوأدها، وذلك بحل مجلس الأمة ـ وهو ما يشكل الخسارة الكبرى للكويتيين جميعا ـ مع شعورنا بالإحباط والندم على ممارستنا لحقنا الانتخابي في ترشيح من وثقنا بهم، والمحزن أيضا هو تولد قناعة لدينا توضح حقيقة عدم أهليتنا ككويتيين للديمقراطية، ليس لخطأ في الديمقراطية، ولكن لقلة الثقافة لدينا لما تحويه هذه الكلمة من معان، واللوم من التأزيمات المتتالية لا يجب أن يوجه إلى بعض أعضاء مجلس الأمة فقط،  بل علينا نحن أيضا، نحن الذين فوضانهم بسلطة التحدث ونقل همومنا والمطالبة بحل مشاكلنا نيابة عنا.

إنه واجب على الجميع ومن واقع تجاربنا السابقة الأليمة في ممارستنا لحقنا الانتخابي، اختيار الأعضاء الأكفاء بالدرجة الأولى الذين يتميزون بالرغبة في الإصلاح مهما واجهتهم ضغوط من أصحاب المصالح الشخصية. فالوطن اليوم يقف على منعطف الطريق بين الاتجاه الصحيح أو الاستمرار في الأوضاع المتردية، وهذا يتطلب منا جميعا وقفة جادة، ومراجعة للنفس، لتغليب مصلحة الكويت ومستقبلها على أي مصلحة أخرى، مستذكرين قول سمو الأمير الراحل ” الكويت هي الوجود الدائم، ونحن الوجود العابر”. فرأفة بالكويت، لتكن وحدتنا الوطنية صمام أمان لاستقرار المجتمع ونموه وازدهاره والأولوية القصوى فوق كل الاعتبارات السياسية أو الخلافات الفكرية، وإنني أدعو الأطراف كافة من تيارات سياسية وأفراد في المجتمع لتجنب الانجراف نحو الفتن، في الوقت الذي يجب أن تتضافر الجهود لتعزيز اللحمة الداخلية والعمل جميعا لبناء الوطن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *