الحواجز

لم تكن تعلم أن ما تتطلع إليه بعيدا جدا، كان قلبها يمتلئ بالإدارة والتصميم، حين وقفت أمل على خط البداية لم يشغل بالها سوى بلوغ الهدف والوصول لخط النهاية وتحقيق ما تصبو إليه، لكنها الآن تقفز عن حاجز تلو الآخر، تلهث قبيل بلوغ كل حاجز:” ما لهذه الحواجز تتطاول على خطاي، كأني أركض في ساحل رملي تنغرس قدماي فيه وتتثاقل، علي أن أتابع العدو” تتعثر..تقف.. تتزود بالإدارة : “كلا لن أتوقف“.

حين تعلمت رياضة العدو ولعبة التحمل والمثابرة كانت أمل فتاة صغيرة، تعلمت أن النجاح يحتاج للجهد والإدارة والتصميم، لكن كل ما تتسلح به من إصرار يكاد يسقط في كل خطوة.. توشك على الاستسلام عندما تقبل على أحدى الحواجز تتسمر قدماها في ذلك الإسفلت الصلب الذي يشدها نحو الأسفل..:”ليس عليك أن تكوني في المقدمة، قد لا تكونين الأقوى، ربما بنيتك الجسدية لا تؤهلك لذلك، عليك بلوغ النهاية، هذا الإنجاز لا يتطلب العضلات وإنما الإدارة والتصميم”  كلمات كانت تعيد إلى فؤادها الأمل، اعتادت أن ترددها في كل مرة تشعر بالتعب، كانت الكلمات سلاح تلجأ إليه لتتغلب على نفسها. ما زال المضمار شاهدا على أنّاتها ولهاثها، وما زالت تلك الحواجز تمارس معها لعبة التحدي، تدفع بها إحدى المتسابقات خارج المضمار، تتعثر.. تقع.. تحاول الوقوف والانسحاب..:”لم أعد أقوى على المتابعة، لم يعد بإمكاني التغلب على تلك الحواجز وهجمات المنافسين“، تتريث خطواتها.. يأتيها صوت من بعيد: “لا عليك، توقفي إن كان باستطاعتك التوقف“، :” يا لك من صوت خبيث، تدرك أني لا أقوى على المتابعة كما تدرك أني لا أستطيع التوقف“، تنظر أمل نحو الأفق البعيد، تشعر أن مسافة السباق قصيرة، يعاودها الأمل:” سوف أصل إلى نهاية السباق، تطاولي بالقدر الذي تريدين أيتها الحواجز فأنا سوف أتغلب عليك وعلى لؤم المنافسات  الضخام“، تبتسم أمل  ثم تتسارع خطواتها نحو خط النهاية… قال شاهد عيان:” لقد حاول الكثير قبلها الوصول، وذهبت جهودهم أدراج الرياح رغم أنهم فاقوها قوة وتحمل.. إنها تحاول النفخ في قربة مقطوعة”، وذكر شاهد آخر بأن أمل ما زال في المضمار تضرب قدميها في الإسفلت وتصارع الحواجز ليومنا هذا، فيما ذكر شاهد ثالث بأنها خرجت منذ زمن بعيد وأن التي في مضمار السباق هي أمل أخرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *