الاعتراف.. بارقة الأمل للعلاج من الإدمان
بالرغم من كل الأرقام المخيفة في عالم الإدمان، تبقى العديد من المؤشرات الإيجابية التي تمثل بارقة أمل في طريق مكافحة الإدمان، حيث إن هناك العديد من المرضى الذين قابلناهم وكنا نشاهد في عيونهم النظرة الحزينة بسبب يأسهم من الشفاء، تمكنوا الآن من قهر المرض والتغلب عليه، فهناك العديد من مرضى الإدمان الذين تعافوا ومارسوا حياتهم الطبيعية بعيدين كل البعد عن التعاطي لسنوات عديدة تزيد عن عشرين وثلاثين عاماً وأكثر، ولا تزال حياتهم مستمرة بسعادةٍ ورضاً ومليئة أيضاً بالإنجازات على كافة الأصعدة.
فالتعافي من هذه الآفة -أصبح ممكناً- فبالعلاج والدعم والاحتواء والانضمام تحت لواء شعاره (بالمخدرات يكون الموت أو السجن أو الجنون) يستطيع الشخص أن يسترجع حياته الطبيعية، بعد أن كان فريسة وقع بين براثن المخدرات فأصبح مدمناً لا يرحمه المرض، فخسر بسببه الكثير.
فلولا هذه النماذج الحية التي يسمع عنها ويراها المدمن النشط وأسرته لما تمسك ببارقة الأمل للتشافي، فهم من بعد إيمانهم بالله يعتبرون المتعافين طوق النجاة لمواجهة التحديات التي تعيقهم لمساعدة أبنائهم. ولتحقيق سبل العلاج الصحيح لابد من تسهيل عدة عوامل عبر خطوات وهي:
الخطوة الأولى: الاعتراف، وبذلك نضع اللبنة الأولى في المواجهة الصحيحة لعلاج مشكلة الإدمان، حيث إننا في كثير من الأحيان نركز على المشكلة وليس على الحل، وينصب تركيزنا على تشخيص أسباب المشكلة وننسى البحث عن الحلول، وبالاعتراف نضع أقدامنا على بداية الطريق لمعرفة الاتجاه الصحيح وتصحيح بوصلتنا.
وللاعتراف جانبان الشخصي من خلال اعتراف المدمن بأن لديه مشكلة تحتاج إلى علاج وكذلك أسرته بأنهم بحاجة لمساعدة، والاعتراف المجتمعي من خلال ضرورة الاهتمام بمشكلة انتشار المخدرات، ودراسة إيجاد سبل جديدة وناجعة لمواجهة مشكلات الشباب والإدمان
الخطوة الثانية: سماح الدولة بإنشاء عدد أكبر من المصحات على أن تكون مرخصة وتقدم البرامج العلاجية المتقدمة علمياً لمعالجة الحالات المتزايدة من المدمنين يوماً بعد يوم.
الخطوة الثالثة: نشر الوعي المجتمعي، حيث ان من أبرز التحديات التي تواجهنا هي قلة المعرفة وغياب المفاهيم الصحيحة، مما يجعل البوصلة تتوه وتنحرف عن مسارها الصحيح، فالكثير بالمجتمع لا يعرف ماهية طبيعة مرض الإدمان وسماته، ولا يعرف الكثير من شبابنا مخاطره، وهذه الأمور وغيرها تقودنا إلى ضرورة نشر الوعي الصحيح بكافة وسائل التواصل الاجتماعي.
الخطوة الرابعة: مراجعة الأساليب المتبعة في علاج الإدمان لدينا، خاصة مع وجود العديد من حالات الانتكاسة والعودة للإدمان، ومع التقدم الكبير الذي أحرزته العديد من دول العالم في هذا المجال، مما يقضي بضرورة تقييم وتطوير الأساليب المتبعة، وتأهيل عدد كبير من استشاري علاج الإدمان، وإلحاقهم بالمدارس العالمية المتخصصة في هذا المجال.
فالخطوات الأربع السابقة تؤكد لنا أنه لا شيء يخيفنا إذا سرنا على الطريق الصحيح، وأن مرض الإدمان الخطير والقابل للانتكاس، هو قابل للهزيمة والانكسار إذا ما تمت مواجهته بجهود مجتمعية مكثفة تشمل المؤسسات الحكومية، ومؤسسات المجتمع المدني، ومن خلال خطة واضحة المعالم، وبجدية أكثر في مواجهة مكامن الخلل، وضرورة العمل على سن التشريعات والقوانين التي تزيد من حماية المجتمع ضد مخاطر الإدمان، وتؤمن أساليب وأدوات وخطوات فعالة في مواجهة الإدمان.
بقلم الكاتبة الكويتية: غنيمة حبيب كرم
استشاري علاج إدمان ورئيس فريق دعم أهالي المدمنين
مركز نجاحات للاستشارات النفسية والاجتماعية