إدارة الأزمات النفسية بين التوكل والتواكل

الزمن كفيل بمداواة كافة الجراح …

كلما احترت في شيء اتركه للزمن …

إذا أتعبك أحدهم اجعل الأيام تتكفل به …

عبارات تتردد  كثيراً على مسامعنا ليس في أيامنا هذه فحسب بل منذ القدم قالت العرب ( الزمن دواء يداوي كل داء )

فهل يستطيع الزمن فعلا أن يداوي الألم ويدمل الجراح ؟ وهل طريقة تلقي الناس للصدمات والمواقف واحدة ؟

إن المتأمل في حال الناس إذا منّوا بنكسات سواء في العمل أو التجارة أو الأسرة أو التعرض لحادث أو فقدان شخص ما  أو مرض وغيرها من الصدمات فإنهم يختلفون في طريقة استجابتهم وتعاملهم معها ، فمنهم من يصاب بالحزن العميق والاكتئاب والإحساس بالعجز واليأس والفشل في التخلص منها والمضي قدما في متابعة حياته فيستسلم للضغوط النفسية ويعتزل الناس.

ومنهم من يبقى ماقتا للوضع ساخطا عليه مبغضا للحال، لكنه لا يريد أن يحرك ساكنا منتظرا من السماء أن تأتي بالحل والعلاج لما هو فيه.

وكلاهما متقاعس ومستكين ومستسلم ولا يأخذ بالأسباب ويعتقد أن الأمور سوف تأتيه  مع مرور الأيام  دون القيام بأي جهد، وهو مرفوض من الناحية الشرعية والنفسية.

هذه الروح الاتكالية حالة يعاني منها بعض الأفراد وهي بلا شك مدمرة لأي شخص ولأي مجتمع مما يسبب حالة من التقاعس وعدم الرضا وفقدان الأمل لحل أي مشكلة يواجهها شخصيا فيرى الأمور بنظرة سوداوية .

وهناك من يصاب بالذهول وعدم التصديق وعدم تقبل الأمر ثم الإنكار ورفض ما حدث وعدم الاعتراف،  ولكنه بعد عدة أيام يتقبل الإنسان الواقع ويحاول أن يتكيف ويواجه المشكلة فيبحث عن الحلول ويأخذ بالأسباب ويقوم بدوره المتوجب عليه ليجتاز هذه المحنة ، قد يتوجه إلى أهل الاختصاص ، أو يلجأ إلى شخص مر بنفس التجربة وعايشها للإستفادة منها ، لعله يجد عندهم الحل الأمثل ، ولاشك أن تثقيف نفسه عن طريق القراءة في موضوع مشكلته يساعده على فهمها ومن ثم التعرف على السبب الحقيقي فيها وبالتالي حلها بكثرة المحاولات.

كل هذه الأمور تشكل أقوى جهاز لامتصاص الصدمات النفسية، وهي صورة التوكل الحقيقية أن يأخذ الإنسان بالأسباب الميسرة له وأن يقوم بما عليه من عمل وسعي وجد وكد ثم ينتظر النتائج مفوضا أمره لله ، فبالإيمان بالله والقضاء والقدر خيره وشره يجعلنا نصبر على المكاره ونتخطى الأزمات .

فالتوكل هو الروح الفاعلة والحيوية التي ترسم الحياة ، والأسباب لمن أحسن استخدامها وأدركها .

فالإنسان دائم الصراع مع صعوبات الحياة المليئة بالضغوطات النفسية ، فنحن في الأزمات إما متوكلين أو متواكلين فلنختر من نريد أن نكون !!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *