حول أسباب انتشار مشكلة الإدمان على المخدرات والمؤثرات العقلية في المجتمع الكويتي

ورقة عمل

حول أسباب انتشار مشكلة الإدمان على المخدرات والمؤثرات العقلية في المجتمع الكويتي

غنيمة حبيب كرم

استشاري علاج إدمان
ورئيس فريق دعم أهالي المدمنين

المقدمة:

تواجه المجتمعات في كافة أنحاء العالم مخاطر انتشار مشكلة الإدمان بين الشباب، وتعد تلك المشكلة من أخطر المشكلات التي تواجه كافة المجتمعات، وينتج عنها خسائر كبيرة على مستوى الفرد والمجتمع، وانطلاقا من تلك الآثار السلبية تسعى دول العالم إلى مواجهته والتقليل من مخاطره، ونحن في الكويت نلاحظ تزايدا واضحا في عدد المدمنين بين الجنسين، وحسب التصريحات الرسمية الصادرة من مركز الادمان في الكويت، تبين بأن الزيادة في تلك الحالات إلى (1000) حالة سنويا، وهي زيادة تفوق معدل الزيادة الطبيعية في المجتمعات الأخرى، وهو أمر غاية في الخطورة، ويظهر الحاجة الملحة بضرورة البحث عن الحلول تتناسب مع حجم المشكلة، ويدفعنا للتساؤل عن أسباب انتشار مشكلة الزيادة في حالات الإدمان في الكويت، وقبل أن نحاول استكشاف تلك الأسباب علينا أن نقف أولا عند ماهية الإدمان وحقيقتة.

ما هو الإدمان:

في الوقت الذي نجد الكثير منا ينظر إلى المدمن كونه مجرما يستحق العقاب، نجد في المقابل الكثير من منظمات الصحة العالمية تؤكد بأن الإدمان مرض، فحسب التعريف الخاص بالمجتمع الدولي لعلاج الإدمان (ISAM) والمجتمع الأمريكي لعلاج الإدمان (ِASAM) هو “مريض يتصف بضعف التحكم في الشرب أو تعاطي المخدرات بشكل مستمر أو بشكل دوري ويتصف بالانشغال الدائم بالمخدرات أو الكحوليات والاستمرار في ذلك على الرغم من النتائج العكسية، كما يتميز بتشوش التفكير والإنكار الدائم”.

مسببات الإدمان:

أقرت منظمة الصحة العالمية ومجتمعات الصحة النفسية العالمية وبعض الدراسات الحديثة بأن الإدمان مرض، وهو أمر يؤكد بأن هناك خلل خاص لدى المدمن وهو السبب الرئيس للإدمان، ويمكن إيضاح ذلك وفقا للتالي:

أولا: العامل الرئيسي

الكيمياء الحيوية ( كيمياء المخ والأعصاب):

يقع الجهاز الحشوي Limbic system داخل المخ، ويحتوي على جميع المراكز التي تتحكم في الوظائف الأساسية التي تكون مسئولة عن حياة الإنسان، ويوجد داخل الجهاز الحشوي آلية تسمى” آلية المجازاة أو اللذة”، وهي تفرز مادة” الدوبامين” فعندما يقوم الشخص باتباع سلوك إدماني أو يتعاطى مخدر، تحدث بصمة داخل تركيبات المخ ويعمل مركز المجازاة بقوة نتيجة لهذه المادة أو السلوك، لذلك نجد البعض يفرط في التطرف أو العمل أو الطعام أو المخدرات أو الجنس أو القمار والعلاقات.

ثانيا: العوامل الثانوية المؤثرة في الإدمان:

أ- الجينات والوراثة:

أثبتت الدراسات الوراثية التي تناولت الإدمان على النيكوتين والكحول العلاقة الجينية في الإدمان أن نسبة إدمان الأبناء على الكحول في العائلة المتعاطية للكحول أربعة أمثال نسبة المدمنين على الكحول من العائلة غير المتعاطية، كما أثبتت بأن الأبناء عن طريق التبني في العائلة المتعاطية أقل بكثير من أبناء العائلة من حيث إدمانهم على الكحول.

ب-   السمات الشخصية:

اعتمد الكثير من الدراسات القديمة التي تناولت الإدمان مصطلح “قابلية الشخصية الإدمانية”، حيث رأت بأن هناك بعض الأشخاص لديهم هذه القابلية التي لا تتوفر عند البعض الآخر، وتتضمن هذه السمات الأعراض السلبية مثل الخداع والسلوك غير المسئول وتغيير الوظائف والسلوك الإجرامي.

ج – العائلة:

أظهرت الدراسات ومنها دراسة فالينت (1983) بأن بيئة الطفولة لا تمثل خطراً إذا تم فصل التأثير المحدد للوالد المدمن، لكن ذلك لا ينفي ما توصلت إليه الدراسات حول توفر الجينات الوراثية وأثرها في قابلية الإدمان.

ه – المجتمع:

يشكل المجتمع عاملا مهما في سلوك الإنسان ويحدده في كثير من الأحيان، ويتكون المجتمع من مجموعة عناصر تحيط بالإنسان منها:

1.الأصدقاء:

يحاول الأصدقاء عادة التأثير على أقرانهم لمشاركتهم بعض السلوكيات، وهذا أمر طبيعي، لكن المشكلة تكمن في محاولة الأصدقاء التأثير على بعضهم البعض والاستقطاب نحو التعاطي بطر

ق مباشرة من خلال الإقناع، وطرق غير مباشرة من خلال دفع بعضهم للتواجد بين المتعاطين، وهذا الأمر يكون متاحا عادة في سن المراهقة، حيث يسعى المراهق لتقليد غيره من الأصدقاء.

2.الوظيفة:

لا شك بأن هنالك بعض الوظائف يكون أصحابها عرضة للإدمان أكثر من غيرهم، كالعاملين في البارات، والفنادق، والأماكن البحرية، وهي وظائف تتسم بتوفر الكثير من حالات شرب الكحول، كما أن هناك وظائف تسهل عملية حصول الشخص على المواد الكيماوية كالصيدلاني والطبيب.

و.الثقافة الاجتماعية:

إن الثقافة الاجتماعية في المجتمع تلعب دورا في الإدمان من حيث إتاحة الفرص أمام الأفراد للتعاطي، ففي المجتمعات التي تسمح ببيع الكحول وتعاطيها ترتفع نسبة استهلاك الكحول بشكل واضح، وقد يسهم استخدام بعض المواد بغرض العلاج للإدمان عليها، ففي منتصف القرن التاسع عشر كان الهيروين يستخدم لعلاج نزلة البرد، كما كان الكوكايين أحد العناصر المكونة لمشروب الكولا، وهو ما يجعلنا نقول بأن العوامل التجارية كانخفاض سعر المادة المخدرة، والسياسية والاجتماعية الحكومية كلها تؤثر في مدى إتاحة الفرص للإدمان.

أسباب انتشار مشكلة الإدمان في المجتمع الكويتي:

لا شك بإن هناك الكثير من التباين بين المجتمعات، وهذا التباين ينطبق في كثير من الجوانب ومنها أسباب انتشار مشكلة الإدمان، فهناك اختلاف بين العوامل المساعدةعلى انتشار مشكلة الإدمان بين مجتمع وآخر، ومن الأمثلة على ذلك الثقافة الاجتماعية، حيث يمكن أن تكون عاملا مساعدا على انتشار الإدمان في مجتمع ما، فيما تكون عاملا على الحد من انتشارها في مجتمع آخر.

ويمكننا أن نستكشف أسباب انتشار مشكلة الإدمان في المجتمع الكويتي من خلال دراسة عدد من حالات الإدمان، ولعل عملي بمعالجة العديد من تلك الحالات أتاح لي الفرصة للتعرف على تلك العوامل التي تساعد على تفاقم المشكلة، ويمكنني أن ألخص تلك العوامل فيما يلي:

  1. التشخيص الخاطئ.
  2. المفاهيم المغلوطة حول الإدمان ودورها في تفاقم المشكلة وكونها عائقا أمامتعافي المدمن، ومن الأمثلة على ذلك:

مدة التعاطي، حيث يظن البعض أنه كلما زادت فترة التعاطي يستعصي التعافي ويصبح صعبا،والحقيقة بأن زيادة مدة التعاطي وزيادة الخسائر تشكلان رغبة لدى المدمن للعلاج.

تفاوت الخطورة بين الإدمان على مادة وأخرى: والحقيقة بأن الإدمان هو الإدمان فهو سلوك قهري، ويؤدي إلى نتيجة واحدة وهو فقدان السيطرة على جميع أمور الحياة.. والتعرض لخسائر كبيرة.

نظرة المجتمع ، بأن المدمن منحرف سلوكيا أو اخطاء اسبابها الاسرة.

نظرة الأسرة، للبنت التي تحول دون توجه أهالي المدمنة الفتاة لعلاجها.

  •  غياب دور الأب بالدور التربوي.
  • عدم التفات الأسرة والمدرسة للمشكلات النفسية والسلوكية لدى النشء.
  • عدم تكاتف جهود مؤسسات الدولة وإشراك مؤسسات المجتمع المدني.
  • دور الإعلام في التوعية إذا تم بطريقة خاطئة.
  • عدم الاهتمام باستكشاف هموم الشباب وتذليل أسبابها.
  • عدم العمل على الاستفادة من طاقات الشباب.
  • 9.     قصور وزارة التربية بالتعليم وتثقيف الطلبة حول مشكلة الإدمان.
  • عدم السماح بإنشاء مصحات أهلية لعلاج المدمنين.

الحلول للحد من انتشار مشكلة الإدمان في المجتمع الكويتي:

  1. التكاتف المجتمعي والعمل الجماعي وعدم انفراد جهة معينة بمواجهة المشكلة.
  2. 2.    إتاحة الفرصة للمختصين ومنحهم التراخيص لإنشاء المصحات.
  3. الاستفادة من الاساليب العلاجية المتبعة دوليا وعدم تجاهلها.
  4. إعادة النظر في التشريعات الخاصة بالمدمن وتغليض العقوبات على المروجين.
  5. قيام الوالدين بادوارهم الفعلية ومنح الثقة للأبناء.
  6. الاهتمام بالشباب وتذليل العقبات التي تواجه ميولهم ورغباتهم.
  7. الاهتمام بالاعمال التطوعية ونشرها كثقافة اجتماعية.

قيام الإعلام بدوره في نشر الثقافة والتوعية من مخاطر الإدمان.

مع تمنياتي بأن تكون هذة الورقة محط اهتمام أصحاب القرار والمهتمين وتعود بالنفع على الأسر والمجتمع

One Comment

    • Steven

    • سنتين ago

    Wow fi information

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *