جريدة النهار نوفمبر 2014
أكدت استشاري علاج الادمان وعضو وأمين سر الرابطة الوطنية للأمن الأسري (رواسي) د.غنيمة حبيب أن مادة الشبو المخدرة أكثر أنواع المخدرات خطورة على شبابنا، لافتة الى أنها انتشرت وبشكل كبير في الكويت، موضحة أن هناك اقبالا كبيرا عليها من قبل الشباب وطلبة المدارس والجامعات.
وقالت حبيب في حوار خاص لـالنهار: ان الادمان على مادة الشبو له آثار مدمرة على الفرد والأسرة والمجتمع مضيفة : قد يظن الشباب أن تعاطيهم لهذه المادة المخدرة يمنحهم البهجة والسعادة والسرور أو قد يساعدهم على النشاط والتركيز في مذاكرة دروسهم، ولكن هذه الأمور خاطئة ووقتية، فقد يؤثر الشبو سلبا على الدماغ ويتسبب في فقدان الشهية، والشعور بالضيق، وسرعة الانزعاج، والقلق، ويصبح المتعاطي عصبي المزاج، والشعور بالاجهاد والكآبة بسبب قلة النوم لأن المتعاطي يظل مستيقظا لمدة يومين على الأقل، فضلا عن التسارع في ضربات القلب، وارتفاع ضغط الدم وغير ذلك من الأغراض الأخرى.
ودعت حبيب الى ضرورة انشاء مصحات علاجية للادمان مطالبة في الوقت ذاته بضرورة تضافر جميع الجهود المجتمعية لمواجهة مشكلة ادمان الشباب على المخدرات.. وتفاصيل أخرى يمكن التعرف عليها في سياق السطور التالية:
بداية، ما الكريستال ميث أو المعروف شعبياً بـالشبو؟
تعتبر مادة الكريستال المخدرة الميثامفيتامين أو كما يطلق عليها في الكويت الشبو من أخطر المواد المخدرة، وهي منتشرة بكثرة في دول شرق آسيا، مثل الصين واليابان والفلبين والولايات المتحدة الأميركية، ثم انتشرت في الآونة الأخيرة في الكويت حيث ازداد الطلب على هذه المادة بشكل ملحوظ.
كما للكريستال مسمى آخر وهو الآيس، نظرا للشبه الكبير بينها وبين الزجاج (الكريستال) وكذلك الثلج المجروش.
وتصنف هذه المادة على أنها من المخدرات المخلقة تم تركيبها من مواد صناعية المنشأ، وهي عبارة عن مواد كيميائية مثل الميثامفيتامين، وهي تدخل ضمن مواد الامفيتامينات المنشطة، ويكون لونها أبيض ناصعاً.
اعتقادات خطأ
ما أبرز مخاطر تعاطي مادة الشبو؟
تعتبر هذه المادة من المواد الخطيرة المخلقة (فصانعوها يحاولون أن يحاكوا بمفعولها مع الكوكايين) وهي من المواد المنشطة التي تنبه الجهاز العصبي المركزي، فيتعاطاها البعض ظنا منهم لزيادة نشاط الجسم، لأنها في البداية تمنح المتعاطي شعوراً بالبهجة والطاقة والنشاط، كما أنه يقبل الشباب على تعاطيها لمنحهم نشاطا يساعدهم التركيز أثناء الدراسة والمذاكرة، ولكن سرعان ما يبدأ تأثيرها السلبي والذي ينعكس على المتعاطي من خلال فقدانه للشهية، والشعور بالضيق، وسرعة الانزعاج، والقلق، ويصبح عصبي المزاج، والشعور بالاجهاد والكآبة بسبب قلة النوم لأن المتعاطي يظل مستيقظا لمدة يومين على الأقل، فضلا عن التسارع في ضربات القلب، وارتفاع ضغط الدم، ومن الأعراض الأخرى التي تظهر على الشخص المتعاطي خروج رائحة كريهة عطبة من جسده، كما أن هذه الرائحة تنتشر داخل غرفته.
هل يؤثر الشبو على الدماغ؟
نعم بالفعل ومن أعراضه الخطيرة أيضا أنه ينتج عنه رعشة في الأطراف ويظهر عليه الخوف، كما يتسم متعاطو الشبو بالعدوانية غير المبررة تجاه الآخرين، علاوة على ذلك فان تعاطي الشبو يؤدي الى الادمان السريع له ويصيب مركز الادراك في المخ وقد يفقده عقله، وقد يصاب المتعاطي بمرض الذهان وانفصام الشخصية والبارانويا، وفي الحالات المتقدمة قد يصاب بالجنون ويصعب علاجه.
خسائر كثيرة
حدثينا عن أبرز المشكلات الناتجة عن ادمان الشبو أو المخدرات الأخرى؟
يتعرض المدمن بشكل عام لخسائر كثيرة ومنها فقدانه أهله وزوجته وأولاده، كما يفقد مستقبله الوظيفي وفي كثير من الأحيان قد يؤدي به الأمر الى السجن والموت هذا وقد يلجأ المدمن الى ارتكاب جرائم عديدة مثل الاعتداء بالسب أو الضرب على الآخرين، علاوة على ذلك نجد العنف منتشرا بين أوساط المراهقين المدمنين بسبب تعاطيهم (الشبو) والمواد الكيميائية المخدرة فتؤثر عليهم تأثيرا سلبيا سيئا، وقد يرتكب الشخص المتعاطي لجرائم وهو غائب عن الوعي.
كيف تظهر على الشخص المدمن للشبو علامات الادمان؟
من أبرز العلامات نشاطه المرتفع عن المعدل الطبيعي، وقلة النوم والسهر لأيام، فقدان الشهية، نلاحظ ان هناك بعض المصابيح الكهربائية مكسورة في البيت (لأنه يستخدمه لحرق المادة)، عدواني عنيف متقلب المزاج، واذا حاول الشخص ترك المادة يؤدي ذلك الى شعوره بالاكتئاب الحاد وقد يحاول المتعاطي الانتحار.
هل هناك حملات توعوية في المجتمع الكويتي ضد المخدرات؟
في الحقيقة أقوم الآن بحملة لتغيير المفاهيم بدأتها عبر مجموعة من المقالات الصحافية وعندي ورش عمل (مع مؤسسات الدولة المعنية وكذلك في المدارس) سأشارك فيها للتوعية ضد ادمان المخدرات، كما أنني من خلال عضويتي في الرابطة الوطنية للأمن الأسري أحاول نشر توعية بأسلوب غير مباشر عن طريق اقامة أنشطة لتوعيه الناس بأهمية القراءة وتعزيز دور الكتاب في بناء أسرة متماسكة كما ان نادي القراءة تميز بأسلوبه العلاجي النفسي، كما انني قدمت ورقة عمل من خلال مجموعة من التوصيات في حملة السلام الوطنية للتنمية وهي حملة للتوعية ضد المخدرات قدمت بها توصيات عن أهمية الوقاية المجتمعية.
لدينا في الكويت مفاهيم خطأ للتوعية ضد المخدرات ومعظم الحملات التوعوية بالكويت حيث ترجع هذه الحملات أسباب الادمان الى قلة الوازع الديني، أو أصدقاء السوء أو الانحراف السلوكي، ولكنهم ينسون تماما ان الادمان مرض ناتج عن خلل في الدماغ… ويتسبب ذلك في نتائج عكسية في علاج الادمان.
فعلى سبيل المثال لو أقبلت مجموعة من الأشخاص على تجربة تعاطي الحشيش نجد البعض منهم قد لا يستمر ويدخل في مزاج سيئ ويكره هذه المادة، بينما تجد آخرين منهم يعتقد أنه في مزاج جيد ويستمر في تعاطيه بل ويدمنها فهؤلاء الذين استمروا وأدمنوا الحشيش هم بالأساس مصابون بخلل في الدماغ، أما الذين لم يستمروا فهم أشخاص أسوياء.. وهذا يوضح الفرق بين الشخص المريض من غير المريض على الادمان.
كما أود أن اوضح شيئا ألا وهو أن الحملات التوعوية ضد المخدرات قاصرة تتبع أساليب خطأ في التوعية التي تنفق عليها مبالغ باهظة، وبدلا من انفاق المبالغ الكبيرة على التوعية فانه يجب انشاء مراكز علاجية متطورة للادمان بالكويت.. فنحن نحتاج الى خطة واضحة لعلاج الادمان بالتعاون مع جميع مؤسسات الدولة، صحيح ان هناك مؤسسات ومستشفى لعلاج الادمان وتقوم بدورها، ولكن الموضوع وصل لحد الخطورة التي تستدعي تكاتف الجهود وبذل أقصى درجات السرعة لايجاد خطة استراتيجية متقنة ومدروسة، ولكي يتم تنفيذ حملات وقائية من المخدرات فلابد أن يكون لدينا متخصصون في علاج الادمان، مثل الأطباء والاستشاريين النفسيين ومعالجي الادمان لأن هناك فرقا بين الطبيب النفسي ومعالج الادمان والاختصاصي النفسي، ويجب ان يكون هناك أشخاص متخصصون في الاعلام وتربويون، يجب أن يكون هناك فريق عمل متكامل لأجل تنفيذ الحملات الوقائية من المخدرات، ولذلك ما نراه في المجتمع هو تخبط في مواجهة الادمان فنجد كل الجهود مشتتة لا تخدم الهدف.
خطوات العلاج
ما الخطوات التي تتبعينها في علاج الشخص المدمن؟
هناك ثلاث مراحل نتبعها في علاج المدمن، أولها الجانب الجسدي وهذا الجانب يمثل نسبة بسيطة من العلاج، ويأتي بعد ذلك الجانبان العقلي والنفسي وكذلك الروحاني.
وهذا يتطلب في البداية وجود المريض في مركز اعادة تأهيل، فالادمان مرض خبيث مزمن مثل السكر قابل للانتكاسة ومدمر لحياة الشخص المدمن وأسرته.
ورغم كل الأرقام المخيفة في عالم الادمان، الا أنني دائما متفائلة بأنه ما اذا تم تدارك الأمر وتكاتفت جهود الأسرة مع المعالج فانه سيتم انتشال المدمن من هذا المستنقع المرضي ويستطيع أن يتعايش مع مرضه ويرجع للمجتمع شخصا منتجا فاعلا.
هل هناك آثار سلبية على الشخص المدمن للشبو بعد علاجه؟
تعاطي الشبو يختلف عن باقي أنواع المخدرات، لان مادة الشبو تذهب العقل وتؤثر على الصحة الجسدية والنفسية للمتعاطي بسرعة مهوله، لذا فاننا ننصح الأسرة بعدم اهمال أي حالة، فاذا تم تدارك الوضع وخضع المريض للعلاج يمكننا مساعدته على تجاوز تلك المرحلة لأن متعاطي الشبو بمجرد تركه لتعاطي هذه المادة يتأثر نفسيا وقد يتعرض لاكتئاب شديد وقد يقدم على الانتحار، كما يجب متابعة الأعراض النفسية الأخرى، ناهيك عن الآثار السلبية التي تركها الشبو على صحته العقلية والاجتماعية والجسدية، لذا فهو بحاجة الى رعاية خاصة.
جهود واضحة
هل الدولة مقصرة بعلاج الادمان؟
في الحقيقة هناك جهود واضحة تبذل في جانب القضاء على المخدرات وعلاج المدمنين، ولكننا نحتاج الى جهود أكبر من جميع الجهات المعنية كما اننا في حاجة الى وضع استراتيجية ورؤية بعيدة المدى لفهم طبيعة الادمان حتى نستطيع أن نضع حلولا ناجحة تساعدنا تكوين فكرة واضحة عن الاسباب الحقيقية لمشكلة الادمان ووضع خطة سليمة لمواجهتها.
فالمشكلة أكبر بكثير من مجرد مخدرات وأدوية مخدرة ، المشكلة بالشخصية والسلوك الادماني التي يتصف بها بعض الناس، والتي تكون سببا لوجود مدمن نشط، فان عرفنا كيف نتعامل ونعالج هذا السلوك ، فهنا تكون بداية الحل، لأن التشخيص الصحيح هو 90% من الحل، ومن هذا المنطق نستطيع أن تبدأ بتنظيم حملات التوعوية مفيدة، نغير التشريعات الخاصة بادانة المدمنين، ننشأ مصحات تكفي لعلاج شبابنا لأنه من الواضح بأن مستشفى واحداً لا يكفي لعلاج هذا العدد الكبير من المرضى.. وغيرها، وهنا تبدأ نقطة الانطلاق
مطلوب إنشاء مصحات لعلاج الإدمان.. « الطب النفسي» لم يعد يحتمل – مركز بغداد
[…] أغسطس ۲۰, ۲۰۲۲ […]