إن مصاب اهلنا في غزة فادح، زهق للأرواح، وهلاك للحرث والنسل، فهذه الايام العظيمة التي تمر علينا هي أعظم أيام الدنيا، يتحقق فيها سنام الإسلام، وهو الجهاد في سبيل الله لإعلاء الحق.
هذا الطريق الشاق الذي تحمله أهل غزة عن الأمة بأكملها، والذين يخاطبون الله تعالى صباح مساء: يا رب خذ اليوم من أرواحنا حتى ترضى، إن دل فيدل على أنه شعب محب وعاشق للحياة، فالشهداء أحياء عند ربهم يُرزقون.
هؤلاء الحامدون الشاكرون لله عز وجل بكلمة الحمد لله، وسر تلك الكلمة التي أذهلت العالم في الغرب، والتي اتخذوها شعاراً لهم رغم الجحيم، والقتل، والذبح، والتهجير، وقصف المنازل على رؤوس ساكنيها.
إن الدروس التي تنطلق من غزة هي التي يجب أن تُردد اليوم عبر المنابر في خطب الجمعة، والمحاضرات، والجلسات، صور وحكايات يذهل العقل عن استيعابها، واللسان عن ترجمتها، لما نراه من مشاهد يعجز القلم عن كتابتها ووصفها، ونقف أمامها لتعلمنا غزة أن: في الشدائد ينكشف الرجال، وتُنزع الأقنعة، وأن لا طريق لعزة الأمة إلا بالإيمان والتمسك بالمبادئ.
وأن الجود الحقيقي هو الجود بالنفس والولد فداء للوطن، وأن المحتل جبان، ولا يجيد القتال، إلا إذا خلا الميدان من الرجال وقد ورثوا ذلك عن أجدادهم وصدق الله العظيم “لا يقاتلونكم جميعا الا في قرى محصنة أو من وراء جدر” (سورة الحشر الاية 14).
وعلمتنا غزة ان الأمة التي اختارها الله عز وجل لحمل الأمانة لن تزول، وستبقى، ويبقى بها المؤمنون الصادقون الصابرون.
لقد علمنا الغزيون الكثير، فالمرأة الغزّية التي نتساءل من أي شيء خُلِقت حين نراها ملطخة بدماء أبنائها، وهي تصرخ وتقول: “تقبلهم عندك يا رب فداءً للأقصى”.
يقطع الله لك غُصنا في الدنيا ليزرع لك شجرة في الجنة، فالثمن غالٍ وسلعة الله غالية.
غزة التي عودتنا دائما أن تنهض من تحت الرماد كطائر الفينيق، هم الباقون والآخرون هم العابرون، والذين سيرحلون، ويبقى الباقون ما دام الزعتر والزيتون.
هم الذين يتوزعون في الدور حتى إذا استشهد بعضهم بقي بعضهم، هم الذين يكتبون اسماءهم على الأيدي والأرجل، ليتجهزوا للشهادة حتى يعرفوا من تحت الركام.
مثل هذا الشعب، هؤلاء نساؤهم وأطفالهم، فكيف يكون رجالهم؟
معاني الصبر والعطاء والتمسك بالمبادئ، والعقيدة والإيمان، نقف أمامها وقفة إجلال واكبارا لأهلنا في غزة الذين هم رمز للعزة.
فتحية من أرضي الحبيبة الكويت التي تُسطر كل يوم شكلا جميلا من أشكال السند والعون لأهلنا في أرض الرباط في قطاع غزة خصوصا، ولأهلنا في دولة فلسطين عامة.
واخيرا نبتهل لله عز وجل داعين المولى سبحانه ان يعجل الفرج ويرفع الكرب ويرزقنا النصر… آمين.
كاتبة كويتية
غنيمة حبيب