تعد القضية الفلسطينية من أهم قضايا الشعوب المناضلة ضد الاحتلال، وذلك منذ قرار التقسيم 14 مايو 1948، اذ بدأ تسليط الضوء على انتهاكات الكيان الصهيوني لحقوق الشعب الفلسطيني، وأصبحت القضية محط أنظار واهتمام المنظمات الدولية لحقوق الإنسان خصوصا بعدما فرضت إسرائيل الحصار الكامل على غزة عام 2007، ففتحت منظمة «مراقبة حقوق الإنسان» ملف ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في غزة من جرائم، وانتهاكات، وطالبت عام 2016 بإحالة المسؤولية ضد إسرائيل إلى المحكمة الجنائية الدولية – التي أقرت أنها جرائم حرب وجريمة ضد الإنسانية – ووثقت الانتهاكات في 27 ابرايل 2021، ووصفت إسرائيل بأنها نظام فصل عنصري في تعاملها مع الفلسطينيين، والامر نفسه من منظمة العفو الدولية في أواخر عام 2022.
إلا أن ما يحدث في غزة حالياً هو أبلغ من أي كلام يمكن أن يقال، فانتهاكات الاحتلال للقانون الدولي والإنساني تجسد في أبشع صوره، ويعد جريمة حرب ترقى إلى الإبادة الجماعية، والوضع بالنسبة لتلك المنظمات أصبح مختلفاً.
حيث في السابع من أكتوبر و»معركة طوفان الأقصى» نرى منظمة العفو الدولية، ومراقبة حقوق الإنسان، والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان قد أصدروا قرارا بإدانة «حماس»، وطالبوا بالإفراج عن الرهائن فورا.
أما مجلس الأمن الدولي فقد اتخذ في 15 من نوفمبر2023 قرارا بوقف العدوان الفوري بعد مرور أكثر من شهر على المجازر والمذابح البشعة، إلا أنه لم يُنفذ رغم مرور أكثر من 45 يوما على بدء الحرب.
وها هو الكيان الصهيوني يستغل صمت مجلس الأمن ويتمادى في قصفه، وتدميره، وقتله للأبرياء، وذلك باعتباره فوق القانون، هذا فضلا عن وقوف أغلب دول العالم بين صامتة متفرجة، ومستنكرة شاجبه منددة لتلك المجازر والجرائم.
وهنا نقف مذهولين ومتسائلين: أيتها المنظمات الحقوقية الدولية هل من منصف لأهل غزة؟ أين قرارات الإدانة التي تم إصدارها من قبل ولم تُنفذ؟ أين القوانين والتقارير والتوصيات التي كُتبت ودُونت، ولم يُعمل بها؟ أين حقوق الطفل والمرأة والأبرياء التي وثّقت في هذا الصدد؟
هل لا تزال تلك المنظمات بعد كل ما حدث تستحق ثقتنا لإبرام المزيد من الاتفاقيات، بعد تلك الفضيحة المدوية، ووقوف العالم بأكمله عاجزاً عن ردع المحتل، وإيقاف حربه ضد قطاع في دولة محتلة؟
هل لا تزال تستحق إيماننا بها بعد ما رأيناه من هيمنة الدول الكبرى والكيان على قراراتها وحياديتها، بل وعدالتها ومهنيتها؟ وهل يمكن لنا بعد كل ما حدث من سفك للدماء أن نطلق عليها مسمى «منظمات حقوقية وإنسانية»؟
إن كل ذلك يجعلنا نشكك في تلك الأكذوبة الكبرى المسماة المنظمات الحقوقية، فلم نر ونسمع منها إلا شجبا وتنديداً، واستنكاراً، وها هي مع مرور الوقت تتحول أداة تستخدم بيد تلك الدول، وتحت سيطرتها ووفق رغباتها.
إن ما جرى في «طوفان الأقصى» قد غيّر مجرى التاريخ، وفضح نفاق هذا العالم بقوانينه العرجاء، ومنظماته العوراء، ومعاييره المزدوجة.
كاتبة كويتية
غنيمة حبيب