هل صحيح أنَّ بعض أنواع العطور و”البرفانات” التي تباع في مراكز البيع المختلفة تحتوي على مواد مسكرة، حيث تتضمن نسب كحوليات عالية، ولا سيما رخيصة الثمن، فيستخدمها ضعاف النفوس كبديل سيئ للخمور، رغم أضرارها الشديدة.
“السياسة” التقت عدداً من المتخصصين في علاج الإدمان، ومع قانونيين، ومراكز بيع، حيث أكدوا جميعهم ضرورة إزالة أي منتجات عطرية تحتوي على نسب من هذه المواد المسكرة، مع ضرورة تكثيف الرقابة في كافة مراكز البيع من أجل حماية الأطفال والشباب.
وشدد هؤلاء على أن خطر مثل هذه المواد لا يتوقف عند حد السكر، أو تغييب العقل، بل إنها فتاكة، وقد تسبب أمراضاً خطيرة تدمر صحة الإنسان، لذا فإن من الواجب عدم إهمال هذا الموضوع الخطير، والاهتمام به لما تشكله من خطر يهدد المجتمع.. واليكم التفاصيل:
تكثيف الرقابة
بداية حذر الاخصائي النفسي التربوي خالد الشمروخ من برفانات، بعضها ذات ماركات عالمية، تباع في الأسواق تستخدم كبديل للكحول والمسكرات، لافتاً إلى أنَّ سعر الواحدة منها ما بين دينارين إلى ثلاثة، لذا يفضلها بعضهم عن شراء “بطل” مسكر قد يصل سعره إلى 60 دينارا، مطالباً بضرورة تكثيف الرقابة على نوعيات البرفانات التي تحتوي على مواد مخدرة وتباع في الأسواق بصورة اعتيادية رغم أضرارها التي يمكن أن تدمر الكبد.
وبين الشمروخ أن من آثار تناول مثل هذه البرفانات أو باقي مواد الإدمان الأخرى تلف الجهاز العصبي، فضلا عن أنَّها تسبب قرحة المعدة، وتؤدي لتليف الكبد، كما أن المواد المخدرة بشكل عام تؤدي لاضطراب الوظائف العقلية واضطراب التفكير والانطواء والخوف والاكتئاب، مبينا الاثار الاجتماعية للادمان، منها الاهمال وتفكك الاسر وزيادة الجريمة والعنف والانحراف الجنسي وانخفاض الانتاجية وزيادة السلوك الإجرامي. وشدد الشمروخ على أهمية التفتيش الدائم على الاسواق ومراكز البيع لضبط من يبيع برفانات تحتوي على مركبات مخدرة، مع ضرورة حل مشاكل الشباب من خلال الارشاد النفسي، فضلا عن أن الارشاد التربوي يحقق التوافق الدراسي، وهناك الارشاد الزواجي والصحة النفسية، مع ضرورة تقديم المشورة، وإجراء بحوث اجتماعية، وتعديل البيئة الاجتماعية لتحقيق التوافق الاجتماعي، وتوفير مناخ أسري صحي وحياة تعليمية مناسبة، مع أهمية أن تكرس وسائل الاعلام نفسها لنشر الوعي الذي يحصن الشعب وكل من يقيم على أرض الكويت من أخطار الادمان والاتجار فيه.
من جانبها قالت الاخصائية النفسية غنيمة حبيب إن وزارة الداخلية تقوم بواجبها تماما فيما يتعلق بضبط أي أنواع مخدرة في الأسواق، سواء أكانت عطورات وبرفانات، أو كما هو الحال بالنسبة لأنواع المخدرات الأخرى، مشيرة إلى أنَّ الأجهزة الأمنية يقظة تماما، حيث قامت خلال الفترة الأخيرة بضبط كميات من عقار طبي مخدر يستخدم في الاغتصاب.
وأشارت حبيب إلى أهمية عدم ذكر اسم أي منتج يحتوي على مخدر، سواء أكان من البرفانات أو العصائر، حتى لا يكون هذا الأمر دعاية غير مباشرة لتلك المنتجات، موضحة أنه في السنوات الأخيرة بدأت تشهد تعاطي بعض تلاميذ المدارس المتوسطة والثانوية، وليس من الشباب وغيرهم من الكبار فقط.
وأكدت ضرورة تفعيل دور الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين وحتى التربويين، لافتة إلى أنها قبل ظهور جائحة كورونا تقدمت بكتاب لوزارة التربية لعقد دورات تأهيلية لهؤلاء الأخصائيين للتعامل مع التلاميذ والطلاب الذين تظهر عليهم سلوكيات شاذة أو منحرفة، لكن إلى الآن لم تتجاوب وزارة التربية، موضحة أنها عرضت على الوزارة قبول تلك المبادرة حتى وإن كانت بشكل تطوعي خدمة للتلاميذ، ومع هذا لم يصلها الرد.
ورأت ضرورة تكاتف كافة جهات الدولة دون استثناء لمحاربة آفة الإدمان والاتجار بالمخدرات، مع أهمية مشاركة مؤسسات المجتمع المدني، حيث إن الجانب الوقائي له دور أكبر في تحصين الأطفال وكافة الأعمار من التعاطي.
بداية الإدمان
من جانبه حذر أستاذ علم النفس د. أحمد سلامة من البرفانات والكولونيا والعطور الغربية، حيث إن بعضها يحتوي على كحوليات، وهي تعتبر بداية للإدمان، خاصة وأنَّ هذه العطور يتم تركيبها من مواد كيماوية وكحوليات مذيبة يمكن أن تؤدي للوفاة بشكل مفاجئ.
وذكر أن هناك دراسات بينت أن كمية الكحوليات في تلك البرفانات تتركز في الدم، ومن هنا يتم الإدمان على استخدامها بصورة دائمة، بل إن الشخص قد يقوم بتعطير نفسه في أي وقت، حتى ولو في منتصف الليل، مبينا أن النساء يتعرضن لإدمان البرفانات بصورة أسرع من الرجال. ولفت د. سلامة إلى أن هناك خطورة بالغة من استخدام الكولونيا أو البرفانات التي تحتوي على مواد ضارة، مثل الايثانول والميثانول، وعلى مركزات الرائحة، مبينا أن تلك البرفانات تباع بمبالغ زهيدة الثمن، لذا يستخدمها الشباب غير القادر على شراء المخدرات كبديل للإدمان، لافتا إلى أن نسبة الكحوليات في البرفانات تشكل نحو 80٪ من محتوى الكولونيا، وعندما يتم تناول جرعات منها فإنها تفتك بالأمعاء الدقيقة، كما أن امتصاصها وسيرانها في الدم يزيد من الأخطار على الكبد، فضلا عن تقرحات الفم والمريء، وتساعد على ظهور سكري البول، لافتا إلى أن الكحوليات عامة تتلف الدماغ شيئا فشيئا، وتؤدي لأمراض الصرع والزهايمر المبكر كما أنها تؤدي للخمول والكسل. وبين د. سلامة أن تناول تلك البرفانات التي تحتوي على نسب كحوليات عالية تعطي الشعور الزائف بالبهجة والراحة النفسية لفترة مؤقتة ثم يتحول بعدها الشخص للتوتر والاكتئاب، وشدد على أهمية التفتيش الدائم على كافة مراكز البيع لضبط الكلونيا أو العطور التي تحتوي على نسب كحوليات عالية، مع ضرورة تنبيه الناس لخطورتها عبر وسائل الاعلام المختلفة.
كما حذر من بيع البرفانات المخدرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لافتا إلى أن خطورة انتشار بعضها يكمن في أنها غير مدرجة على قوائم المراقبة الدولية في المطارات، لذا يجدر مراقبة الأسرة لأطفالها وشبابها، وفي حال وجود زجاجات برفانات أو عطريات متواجدة في غرف الأبناء بصورة تلفت الأنظار، فيجب على الوالدين أن يراقبا أولادهما بصورة غير مباشرة حرصاً على أبنائهما، وطالب بضرورة تفعيل دور المدرسة والمسجد لتوعية الكل من المخدرات بشكل عام، ومن كافة البدائل الأخرى للخمور وكافة أنواع المخدرات.
النمشان: لمعاقبة من يسيء الاستخدام
رأى المستشار القانوني لجمعية الصحافيين الكويتية المحامي حمدان النمشان أن هناك بالفعل برفانات تحتوي على نسب كحول عالية وتستخدم كبدائل للخمر ولكن يصعب تجريم من يبيعها بأي حال من الأحوال حيث إنها تباع مثل المواد اللاصقة.
ولفت النمشان إلى أن العقوبة تقع على متناولها إذا أساء استخدامها في مكان عام ووصل لدرجة السكر البين، مطالبا بضرورة التنبيه على الشباب والاطفال من خطورة الافراط في استخدام البارفانات بغير الغرض الذي خصصت له.
حمدان النمشان
أبو الفتوح: لا نسمح بوجود هذه العطور بمتاجرنا
قال مسؤول العلاقات العامة والمبيعات بأحد المراكز التسويقية الكبرى كرم أبو الفتوح بأن سلسلة المتاجر التي يعمل بها تبيع كافة أنواع العطور والبرفانات، لكن في حال التأكد من وجود أي منتج من تلك البضاعة يحتوي على مواد مخدرة يتم رفعه فوراً من على الأرفف، ولايسمح بدخوله مرة أخرى، حرصاً على صحة وسلامة عملاء سلسلة المتاجر التي يعمل بها.
وبين أنَّ هناك تقنين في بيع البرفانات بشكل عام، كما هو الحال للمواد اللاصقة التي يمكن أن تستخدم في التخدير، ولهذا فإن متجره يعرض كميات قليلة منها جدا في أرفف المبيعات، مشيرا إلى أنه في حالة الاشتباه في أي عميل يشتري منتج البرفانات العادية، أو المواد اللاصقة، ليستخدمها في غير الاغراض المخصصة لهما يتم رفض البيع له مباشرة.