يعتقد بعض المنظرين بأن المرأة في المجتمع العربي نالت كامل حقوقها وأصبحت تهدد مكانة الرجل التاريخية والاجتماعية، بل تعدت حقوقها لتسلب الرجل بعض صلاحياته ومقدراته الاجتماعية الموروثة، لكن الحقيقة أن نظرة المجتمع للمرأة ما زالت في بعض المواقف والقضايا نظرة تتميز ببعض التعصب الجنسي، فالمرأة في مجتمعاتنا ما زالت تحت سطوة المجتمع الذكوري، وما زالت تتعرض لبعض أنواع الاضطهاد، وتعاني من سلب الحقوق الشرعية، وتتعرض للحرمان من أقل تلك الحقوق الإنسانية والاجتماعية وأبسطها.
لقد كانت المرأة في جميع المراحل التي مرت بالمجتمعات الإنسانية تشارك الرجل وتسانده في مواجهة المشكلات، وتكون عاملا من عوامل النجاح، ومع أن الواجب يفرض على القيادات الاجتماعية وممثلي المجتمع من النواب المطالبة بحقوق المرأة الإنسانية والاجتماعية والسياسية، إلا أن المرأة الكويتية نالت تلك الحقوق السياسية تنفيذا للرغبة الأميرية السامية في العام2000م، فشغلت بعد ذلك مناصب قيادية وقامت بمجاراة الرجل في كثير من المجالات العملية والعلمية، وأثبتت وجودا وقدرة ومسئولية عالية، لكنها ورغم كل تلك المساهمات الاجتماعية المساندة للرجل، إلا أن المجتمع ما زال يضعها في خانة الفئات الاجتماعية الأقل أهمية وقدرا وجدارة في نيل الحقوق.
إننا أمام صورة متطورة من وأد الأنثى الذي كان يمارس عليها في العصر الجاهلي، فهي الجانب الأضعف في حلقة المجتمع، التي يراد لها أن تبقى في الظل ولا تظهر مهما كانت الضرورة، يترجم ذلك في يومنا الحاضر في حرمانها من حق العلاج من بعض الأمراض والمشكلات التي تعرض خشية من الأسرة على مظهرها الاجتماعي.
إن إدمان الفتاة في حال عرفنا بأنه مرض هو أمر وارد ومحتمل، شأنها بذلك شأن الرجل، وحقها بالعلاج لا يقل أهمية عن حقه كذلك، لكن الأمر في مجتمعاتنا يشهد تناقضا واضحا بين الشعارات التي تقدر المرأة وتطالب بالحفاظ على حقوقها، فيما تحرمها في الواقع من حقوقها في العلاج لأسباب مختلفة من حالة لأخرى، منها الخوف من المجتمع، ومنها رفض كونها إنسان كامل كما الرجل، ومنها عدم توفر عدد كافي من المصحات المتخصصة في علاج الإدمان في الكويت، أو عدم توفر شاغر في المصح الأوحد التابع للطب النفسي، وفي الوقت نفسه الذي تعارض به بعض الأسر سفر الفتاة وعلاجها خارج الكويت، فعدم توفر الخيارات المناسبة للمجتمع كان سببا من الأسباب التي تحرم الفتاة من العلاج.
إن مجتمعنا ما يزال ينظر للمرأة كونها كائن يناط به الكثير من الواجبات، لكنه ناقص الحقوق، فلا يجوز أن تقع في الخطأ، ولا يجوز لها تتعرض للإدمان، فهي أقل من الرجل، والعيب الاجتماعي في سلوكها من يتضاعف، ويضع سمعة الأسرة في مهب الريح، وقد وصل اضطهادها في بعض الأحيان لإنكار وجودها ورفض الاعتراف بها، تجنبا لفكرة العلاج، أفلا يكون ذلك وأدا وقتلا اجتماعيا وجهلا دينيا ودنيويا؟
رسالتي للأسرة، للمجتمع، للمؤسسات الحكومية، لمؤسسات المجتمع المدني، لنواب الأمة، للوزراء، لكل من ينظر ويبقى بعيدا عن تطبيق نظرياته، لكل من له القدرة على المساهمة في وضع الحلول المناسبة، لنكن جميعا مع الحق، الفتاة لا تختلف في تكوينها البيولوجي والنفسي عن الرجل، هي معرضة كإنسان لما يتعرض له من ضغوط، والأخطاء ممكنة، لكن الوأد بأشكاله المختلفة جريمة، لنكون معها نساندها كما نساند الرجل وندعمه، كفانا إطلاق الشعارات الرنانة ولنعمل معا على تدعيم ما نقوله بما يوازيه من فعل.