مع استمرار الانتهاكات الإسرائيلية، وحربها المدمرة على شعب غزة منذ أكتوبر 2023 ، ورغم استشهاد أكثر من 66 ألفاً و184، والمفقودين أكثر من أحد عشر ألفا، وعلى مدى 24 شهراً مضت، لا تزال تقشعر أبداننا كل يوم عندما نطالع الفضائيات، وكيف تستباح دماء الأطفال، والنساء، وكبار السن والشباب، فضلا عن تدمير المنشآت. ورغم موت الكثير والكثير من شدة الجوع، ومنهم رضع جفت صدور أمهاتهم، لا يزال شعب غزة يضرب للعالم أجمع أروع ملحمة في “الصمود” في التاريخ الحديث، ولعل تسمية إبحار أكثر من 400 سفينة بـ”أسطول الصمود”، جاء كرسالة، من بعض الشخصيات البارزة، من 45 دولة تقول لشعب غزة: “إنا معكم صامدون، ولم نخش أو نخاف على أنفسنا، وحملنا أكفاننا لننقل معاناتنكم للعالم”. وكم شعرت بالفخر لانضمام الشباب الكويتي على متن أسطول الصمود وهم: محمد جمال، وخالد العبدالجادر، وعبدالله المطوع، واستمروا حتى تم احتجازهم، وكان معهم أحمد الجزاف، ودعاء إدريس، لكن أجبرهما خلل في السفينة على الرجوع بعد مكوثهما فترات طويلة. ورغم احتجاز السلطات الاسرائيلية لأكثر من 40 سفينة من أسطول الصمود، واعتقال ما يزيد عن 443 ممن كانوا على متنها، ومنهم الشباب الكويتي كل هذا لأن ضمائرهم تحركت، حيث كان من أهداف “أسطول الصمود” تقديم المساعدات الإغاثية العاجلة، بما فيها الأدوية والغذاء وحليب الأطفال، رغم المخاطرة بأرواحهم. لكن السؤال الذي يلح في العقل، والوجدان: ما العبرة من أسطول الصمود؟ أعتقد أنها خطوة تسهم في صحوة الضمير العالمي لأسوأ كارثة إنسانية يمر بها العالم على مدى عامين، ولتظهر مدى بشاعة، وفُجر إسرائيل في حربها على هذا الشعب العربي المسلم، ولتؤكد أن الضمير الانساني لا يرتبط بديانة، أو جنس، أو جنسية، ولم ترهبهم أصوات القنابل والدخان، والتهديد والوعيد من إسرائيل، نعم إنهم فتية آمنوا بالعدل والانصاف، وأصروا على كسر الحصار عن قطاع غزة، لإيصال المساعدات مهما كلفهم من تضحيات. ومن إيجابيات “أسطول الصمود” جاء كصرخة قوية تستنهض الضمير العالمي تجاه قضية شعب عانى سنوات من الظلم والطغيان والأسى، وبالفعل فهذا الأسطول أقوى من المنظمات الدولية الكبرى التي أشبعتنا بالاستنكار والشجب. وأتمنى أن تدرس تجربة “أسطول الصمود” في مناهج الدراسات الاجتماعية من خلال المؤرخين لتكتسب الأجيال منها العبرة والدروس، ولتقوي داخلهم النزعة الإنسانية، والمبادئ، والقيم، ولتثبت للعالم أن للظلم لغة وصوتا سيصل مهما حاول الطغاة كتمه وإخفاءه. وستظل القضية الفلسطينية قضيتنا الأولى، ولن يهدأ لأي حرٍ بال إلا بعد تحريرها من يد مغتصبيها. كاتبة كويتية
